سفر الجامعة 11:2-26

سفر الجامعة 11:2-26 المشتركة

ثُمَّ ا‏لتَفَتُّ إلى جميعِ ما عَمِلَتْ يَدايَ، وإلى ما عانَيتُ مِنَ التَّعَبِ في عمَلِهِ، فإذا كلُّ شيءٍ باطِلٌ وقبضُ ريحٍ، ولا فائِدةَ في شيءٍ تَحتَ الشَّمسِ‌. ولمَّا ا‏لتَفتُّ لأنظرَ في الحِكمةِ والجُنونِ والحماقةِ، وماذا يفعَلُ الخَلَفُ غَيرَ ما فعَلَهُ المُلوكُ الّذينَ قَبلَهُ، رأيتُ أنَّ الحِكمةَ أفضلُ مِنَ الحماقةِ، كما أنَّ النُّورَ أفضلُ مِنَ الظَّلامِ: الحكيمُ عيناهُ في رأسِهِ، أمَّا الجاهلُ فيسيرُ في الظَّلامِ. لكنِّي عرَفْتُ أيضا أنَّ ما يَحدُثُ للواحدِ يَحدُثُ للآخرِ. فقُلتُ في قلبـي: «ما يَحدُثُ للجاهلِ يحدُثُ لي أنا أيضا، فما نَفعُ حِكمتي هذِهِ؟» وقُلتُ في قلبـي: «هذا أيضا باطِلٌ». فما مِنْ ذِكْرٍ دائِمٍ للحكيمِ ولا للجاهلِ، وفي الأيّامِ الآتيةِ كُلُّ شيءٍ يَطْويهِ النِّسيانُ. ويا أسَفي، كَيفَ يموتُ الحكيمُ كالجاهلِ! فكَرِهْتُ الحياةَ لأنَّ ما يُعمَلُ تَحتَ الشَّمسِ سَيِّئٌ في نظَري، فهوَ كُلُّهُ باطِلٌ وقبضُ ريحٍ. وكرِهْتُ كُلَّ ما عايَنتُ تَحتَ الشَّمسِ من تَعَبٍ سأتركُهُ لِمَنْ يجيءُ بَعدي. ومَنْ يَعلَمُ هل يكونُ حكيما أو أحمَقَ، ومعَ ذلِكَ سيَتَسلَّطُ على كُلِّ ما عايَنتُهُ وبذْلتُ حكمَتي لَه تَحتَ الشَّمسِ. هذا أيضا باطِلٌ. فَمِلْتُ إلى قلبـي أزرعُ فيهِ اليأسَ مِنْ كُلِّ التَّعَبِ الّذي عانَيْتُهُ تَحتَ الشَّمسِ. أيَتعبُ إنسانٌ بِـحِكمةٍ ومَعرِفةٍ ونجاحٍ، ثُمَّ يَترُكُ ما جَناهُ لإنسانٍ لا يكونُ تَعِبَ فيهِ؟ هذا أيضا باطلٌ وشَرٌّ عظيمٌ. فأيَّةُ فائدةٍ للإنسانِ مِنْ كُلِّ تعبِهِ، ومِنْ جُهدِ قلبِهِ الّذي عاناهُ تَحتَ الشَّمسِ؟ أيّامُهُ كُلُّها كآبةٌ وعناؤُهُ غَمٌّ، حتّى في اللَّيلِ لا يَرتاحُ بالُهُ. هذا أيضا باطِلٌ‌. فما للإنسانِ خَيرٌ مِنْ أن يأكلَ ويَشربَ ويَجْنيَ ثمَرَةَ تعَبِهِ. أرى أنَّ هذا أيضا مِنْ يدِ اللهِ‌، وإلاَّ فكَيفَ تأكلُ وتـتَنَعَّمُ؟ واللهُ يُعطي الصَّالحينَ حِكمةً ومعرِفةً وفرَحا، ويَجعَلُ الخاطِئينَ يُعانُونَ في الجَمْعِ والادِّخارِ، لِـيُعطيَ ذلِكَ كُلَّهُ لِمَنْ يكونُ صالِحا لدَيهِ. هذا أيضا باطِلٌ وقبضُ ريحٍ‌.