لوقا 1:18-34

لوقا 1:18-34 ت.ك.ع

وضرَبَ لَهم مَثَلاً في وُجوبِ المُداوَمةِ على الصَّلاةِ مِن غَيرِ مَلَل، قال: «كانَ في إِحدى المُدُنِ قاضٍ لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ النَّاس. وكانَ في تلكَ المَدينَةِ أَرمَلَةٌ تَأتيهِ فتَقول: أَنصِفْني من خَصْمي. فأَبى علَيها ذٰلِكَ مُدَّةً طَويلة، ثُمَّ قالَ في نَفْسِه: أَنا لا أَخافُ اللهَ ولا أَهابُ النَّاس، ولٰكِنَّ هٰذِه الأَرمَلَةَ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي». ثُمَّ قالَ الرَّبّ: «إِسمَعوا ما قالَ القاضي الظَّالِم. أَفَما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونَه نهارًا ولَيلاً وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ أَقولُ لَكم: إِنَّه يُسرِعُ إِلى إِنصافِهم. ولٰكِن، متى جاءَ ٱبنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟» وضَرَبَ أَيضًا هٰذا المَثَلَ لِقَومٍ كانوا مُتَيَقِّنين أَنَّهم أَبرار، ويَحتَقِرونَ سائرَ النَّاس: «صَعِدَ رَجُلانِ إِلى الهَيكَلِ لِيُصَلِّيا، أَحَدُهما فِرِّيسيّ والآخَرُ جابٍ. فانتَصَبَ الفِرِّيسيُّ قائِمًا يُصَلِّي فيَقولُ في نَفْسِه: «اللَّهُمَّ، شُكرًا لَكَ لأَنِّي لَستُ كَسائِرِ النَّاسِ السَّرَّاقينَ الظَّالِمينَ الفاسِقين، ولا مِثْلَ هٰذا الجابي. إِنِّي أَصومُ مَرَّتَيْنِ في الأُسبوع، وأُؤَدِّي عُشْرَ كُلِّ ما أَقتَني». أَمَّا الجابي فوَقَفَ بَعيدًا لا يُريدُ أَن يَرفَعَ عَينَيهِ نَحوَ السَّماء، بل كانَ يَقرَعُ صَدرَهُ ويقول: «اللَّهُمّ ارْحَمْني أَنا الخاطِئ!» أَقولُ لَكم إِنَّ هٰذا نَزَلَ إِلى بَيتِه مَبرورًا وأَمَّا ذاكَ فلا. فكُلُّ مَن رَفَعَ نَفْسَه وُضِعَ، ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع». وأَتَوه بِالأَطفالِ أَيضًا لِيَضَعَ يَدَيهِ علَيهِم. فلمَّا رأَى التَّلاميذُ ذٰلِكَ ٱنتَهَروهم. فدَعا يسوعُ الأَطفالَ إِليه وقال: «دَعوا الأَطفالَ يأتونَ إِلَيَّ، لا تَمنَعوهم، فلأَمثالِ هٰؤلاءِ مَلَكوتُ الله. الحَقَّ أَقولُ لكم: مَن لم يَقبَلْ مَلَكوتَ اللهِ مِثْلَ الطِّفْلِ لا يَدْخُلْه. وسأَلَه أَحَدُ الوُجَهاء: «أَيُّها المُعَلِّمُ الصَّالِح، ماذا أَعمَلُ لأَرِثَ الحَياةَ الأَبَدِيَّة؟» فقالَ لَه يسوع: «لِمَ تَدعوني صالِحًا؟ لا صالِحَ إِلاَّ اللهُ وَحدَه. أَنتَ تَعرِفُ الوَصايا: لا تَزْنِ، لا تَقتُلْ، لا تَسرِقْ، لا تَشهَدْ بِالزُّور، أَكرِمْ أَباكَ وأُمَّكَ». فقال: «هٰذا كُلُّه حَفِظتُه مُنذُ صِباي!» فلَمَّا سَمِعَ يَسوعُ ذٰلِكَ قالَ لَه: «واحِدَةٌ تَنقُصُكَ بَعدُ: بِعْ جَميعَ ما تَملِك ووَزِّعْه على الفُقَراء، فَيكونَ لكَ كَنزٌ في السَّمٰوات، وتَعالَ فَٱتبَعْني». فلمَّا سَمِعَ ذٰلك ٱغتَمَّ لأَنَّه كانَ غَنِيًّا جِدًّا. فلَمَّا رأَى يسوعُ ما كانَ مِنهُ قال: «ما أَعسَرَ دُخولَ مَلَكوتِ اللهِ على ذَوي المال. فَلَأَن يَدخُلَ الجَمَلُ في ثَقْبِ الإِبرَة أَيسَرُ مِن أَن يَدخُلَ الغَنِيُّ مَلَكوتَ الله». فقالَ السَّامِعون: «فمَن يَقدِرُ أَن يَخلُص؟» فقال: «ما يُعجِزُ النَّاسَ فإِنَّ اللهَ عَليهِ قَدير». فقالَ لَه بُطرُس: «ها قَد تَرَكْنا نَحنُ ما عِندَنا وتَبِعْناك». فقالَ لَهم: «الحَقَّ أَقولُ لَكم: ما مِن أَحدٍ تَرَكَ بَيتًا أَوِ ٱمرَأَةً أَو إِخوَةً أَو والِدَينِ أَو بَنينَ مِن أَجْلِ مَلَكوتِ الله، إِلاَّ نالَ في هٰذه الدُّنْيا أَضعافًا، ونالَ في الآخِرَةِ الحَياةَ الأَبَدِيَّة». ومَضى بِالاِثنَيْ عَشَرَ فقالَ لَهم: «ها نَحنُ صاعِدونَ إِلى أُورَشَليم، فَيَتِمُّ جَميعُ ما كَتَبَ الأَنبِياءُ في شأنِ ٱبنِ الإِنسان: فسيُسلَمُ إِلى الوَثَنِيِّين فيَسخَرونَ مِنهُ ويَشتِمونَه، ويَبصُقونَ علَيه، ويَجلِدونَه فيَقتُلونَه، وفي اليومِ الثَّالِثِ يَقوم». فلَم يَفهَموا شَيئًا مِن ذٰلِكَ، وكانَ هٰذا الكَلامُ مُغلَقًا علَيهم، فلَم يُدرِكوا ما قيل.