البشارة كما دوّنها لوقا 5:1-35

البشارة كما دوّنها لوقا 5:1-35 المشتركة

كانَ في أيّامِ هيرودُسَ مَلِكِ اليهوديّةِ كاهنٌ مِنْ فِرقَةِ أبيّا اَسمُهُ زكَرِيّا، لَهُ زوجةٌ مِنْ سُلالَةِ هرونَ اَسمُها أليصابات. وكانَ زكَرِيّا وأليصاباتُ صالحَيْنِ عِندَ اللهِ، يَتبَعانِ جميعَ أحكامِهِ ووصاياهُ، ولا لومَ علَيهِما. وما كانَ لَهُما ولَدٌ، لأنّ أليصاباتَ كانَت عاقِرًا، وكانَت هيَ وزكَرِيّا كبيرَينِ في السّنّ. وبَينَما زكَرِيّا يَتناوَبُ الخِدمَةَ معَ فِرقَتِهِ ككاهنٍ أمامَ اللهِ، أُلقيَتِ القُرعَةُ، بحسَبِ التّقليدِ المُتّبَعِ عِندَ الكَهنَةِ، فأصابَتْهُ ليَدخُلَ هَيكَلَ الرّبّ ويَحرُقَ البَخورَ. وكانَت جُموعُ الشّعبِ تُصلّي في الخارِجِ عِندَ إحراقِ البَخورِ. فظهَرَ لَهُ مَلاكُ الرّبّ واقِفًا عَنْ يَمينِ مَذبَحِ البَخورِ. فلمّا رآهُ زكَرِيّا اَضطَرَبَ وخافَ. فقالَ لَهُ المَلاكُ: «لا تخَفْ يا زكَرِيّا، لأنّ اللهَ سَمِعَ دُعاءَكَ وسَتَلِدُ لكَ اَمرأتُكَ أليصاباتُ اَبنًا تُسمّيهِ يوحنّا. وستَفرَحُ بِه وتَبتَهِجُ، ويفرَحُ بمولِدِهِ كثيرٌ مِنَ النّاسِ، لأنّهُ سيكونُ عَظيمًا عِندَ الرّبّ، ولن يَشرَبَ خَمرًا ولا مُسكرًا، ويَمتلِئُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ وهوَ في بَطنِ أُمّهِ، ويَهدي كثيرينَ مِنْ بَني إِسرائيلَ إلى الرّبّ إلهِهِم، ويسيرُ أمامَ اللهِ بِرُوحِ إيليّا وقُوّتِهِ، ليُصالِحَ الآباءَ معَ الأبناءِ ويُرجِعَ العُصاةَ إلى حِكمةِ الأبرارِ، فَيُهيّئَ لِلرّبّ شَعبًا مُستعِدّا لهُ». فقالَ زكَرِيّا لِلمَلاكِ: «كيفَ يكونُ هذا وأنا شَيخٌ كَبيرٌ واَمرأتي عَجوزٌ؟» فأجابَهُ المَلاكُ: «أنا جِبرائيلُ القائِمُ في حضرَةِ اللهِ، وهوَ أرسَلَني لأُكلّمَكَ وأحمِلَ إليكَ هذِهِ البُشرى. لكنّكَ ستُصابُ بالخَرَسِ، فلا تَقدِرُ على الكلامِ إلى اليومِ الذي يَحدُثُ فيهِ ذلِكَ، لأنّكَ ما آمنتَ بِكلامي، وكلامي سيَتِمّ في حينِهِ». وكانَتِ الجُموعُ تَنتَظِرُ زكَرِيّا وتتَعَجّبُ منِْ إبطائِهِ في داخِلِ الهَيكَلِ. فلمّا خرَجَ، كانَ لا يَقدِرُ أنْ يُكَلّمَهُم، ففَهِموا أنّهُ رأى رُؤيا في داخِلِ الهَيكَلِ. وكانَ يُخاطِبُهُم بالإشارَةِ، وبَقيَ أخرَسَ. فلمّا اَنتهَتْ أيّامُ خِدمَتِهِ رَجِعَ إلى بَيتِهِ. وبَعدَ مُدّةٍ حَبِلَتِ اَمرأتُهُ أليصاباتُ، فأَخفَت أمرَها خَمسةَ أشهُرٍ. وكانَت تَقولُ: «هذا ما أعطاني الرّبّ يومَ نظَرَ إليّ ليُزيلَ عَنّي العارَ مِنْ بَينِ النّاسِ». وحينَ كانَت أليصاباتُ في شَهرِها السّادسِ، أرسَلَ اللهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إلى بَلدَةٍ في الجَليلِ اَسمُها النّاصِرَةُ، إلى عذراءَ اَسمُها مَريَمُ، كانَت مَخطوبَةً لِرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داودَ اَسمُهُ يوسُفُ. فدخَلَ إليها المَلاكُ وقالَ لها: «السّلامُ علَيكِ، يا مَنْ أنعمَ اللهُ علَيها. الرّبّ مَعكِ». فاضطرَبَت مَريَمُ لِكلامِ المَلاكِ وقالَت في نَفسِها: «ما مَعنى هذِهِ التّحيةِ؟» فقالَ لها المَلاكُ: «لا تَخافي يا مَريَمُ، نِلتِ حُظْوةً عِندَ اللهِ: فسَتَحبَلينَ وتَلِدينَ اَبنًا تُسَمّينَهُ يَسوعَ. فيكونُ عظيمًا واَبنَ اللهِ العَليّ يُدعى، ويُعطيهِ الرّبّ الإلهُ عرشَ أبيهِ داودَ، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ إلى الأبدِ، ولا يكونُ لمُلْكِهِ نِهايةٌ!» فقالَت مَريَمُ لِلملاكِ: «كيفَ يكونُ هذا وأنا عَذراءُ لا أعرِفُ رَجُلاً؟» فأجابَها المَلاكُ: «الرّوحُ القُدُسُ يَحِلّ علَيكِ، وقُدرَةُ العليّ تُظَلّلُكِ، لذلِكَ فالقدّوسُ الذي يولَدُ مِنكِ يُدعى اَبنَ اللهِ.