العدد 6:22-41

العدد 6:22-41 الكتاب المقدس (AVD)

فَٱلْآنَ تَعَالَ وَٱلْعَنْ لِي هَذَا ٱلشَّعْبَ، لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنِّي، لَعَلَّهُ يُمْكِنُنَا أَنْ نَكْسِرَهُ فَأَطْرُدَهُ مِنَ ٱلْأَرْضِ، لِأَنِّي عَرَفْتُ أَنَّ ٱلَّذِي تُبَارِكُهُ مُبَارَكٌ وَٱلَّذِي تَلْعَنُهُ مَلْعُونٌ». فَٱنْطَلَقَ شُيُوخُ مُوآبَ وَشُيُوخُ مِدْيَانَ، وَحُلْوَانُ ٱلْعِرَافَةِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَأَتَوْا إِلَى بَلْعَامَ وَكَلَّمُوهُ بِكَلَامِ بَالَاقَ. فَقَالَ لَهُمْ: «بِيتُوا هُنَا ٱللَّيْلَةَ فَأَرُدَّ عَلَيْكُمْ جَوَابًا كَمَا يُكَلِّمُنِي ٱلرَّبُّ». فَمَكَثَ رُؤَسَاءُ مُوآبَ عِنْدَ بَلْعَامَ. فَأَتَى ٱللهُ إِلَى بَلْعَامَ وَقَالَ: «مَنْ هُمْ هَؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ عِنْدَكَ؟» فَقَالَ بَلْعَامُ لِلهِ: «بَالَاقُ بْنُ صِفُّورَ مَلِكُ مُوآبَ قَدْ أَرْسَلَ إِلَيَّ يَقُولُ: هُوَذَا ٱلشَّعْبُ ٱلْخَارِجُ مِنْ مِصْرَ قَدْ غَشَّى وَجْهَ ٱلْأَرْضِ. تَعَالَ ٱلْآنَ ٱلْعَنْ لِي إِيَّاهُ، لَعَلِّي أَقْدِرُ أَنْ أُحَارِبَهُ وَأَطْرُدَهُ». فَقَالَ ٱللهُ لِبَلْعَامَ: «لَا تَذْهَبْ مَعَهُمْ وَلَا تَلْعَنِ ٱلشَّعْبَ، لِأَنَّهُ مُبَارَكٌ». فَقَامَ بَلْعَامُ صَبَاحًا وَقَالَ لِرُؤَسَاءِ بَالَاقَ: «ٱنْطَلِقُوا إِلَى أَرْضِكُمْ لِأَنَّ ٱلرَّبَّ أَبَى أَنْ يَسْمَحَ لِي بِٱلذَّهَابِ مَعَكُمْ». فَقَامَ رُؤَسَاءُ مُوآبَ وَأَتَوْا إِلَى بَالَاقَ وَقَالُوا: «أَبَى بَلْعَامُ أَنْ يَأْتِيَ مَعَنَا». فَعَادَ بَالَاقُ وَأَرْسَلَ أَيْضًا رُؤَسَاءَ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْ أُولَئِكَ. فَأَتَوْا إِلَى بَلْعَامَ وَقَالُوا لَهُ: «هَكَذَا قَالَ بَالَاقُ بْنُ صِفُّورَ: لَا تَمْتَنِعْ مِنَ ٱلْإِتْيَانِ إِلَيَّ، لِأَنِّي أُكْرِمُكَ إِكْرَامًا عَظِيمًا، وَكُلَّ مَا تَقُولُ لِي أَفْعَلُهُ. فَتَعَالَ ٱلْآنَ ٱلْعَنْ لِي هَذَا ٱلشَّعْبَ». فَأَجَابَ بَلْعَامُ وَقَالَ لِعَبِيدِ بَالَاقَ: «وَلَوْ أَعْطَانِي بَالَاقُ مِلْءَ بَيْتِهِ فِضَّةً وَذَهَبًا لَا أَقْدِرُ أَنْ أَتَجَاوَزَ قَوْلَ ٱلرَّبِّ إِلَهِي لِأَعْمَلَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. فَٱلْآنَ ٱمْكُثُوا هُنَا أَنْتُمْ أَيْضًا هَذِهِ ٱللَّيْلَةَ لِأَعْلَمَ مَاذَا يَعُودُ ٱلرَّبُّ يُكَلِّمُنِي بِهِ». فَأَتَى ٱللهُ إِلَى بَلْعَامَ لَيْلًا وَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَتَى ٱلرِّجَالُ لِيَدْعُوكَ فَقُمِ ٱذْهَبْ مَعَهُمْ، إِنَّمَا تَعْمَلُ ٱلْأَمْرَ ٱلَّذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ فَقَطْ». فَقَامَ بَلْعَامُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى أَتَانِهِ وَٱنْطَلَقَ مَعَ رُؤَسَاءِ مُوآبَ. فَحَمِيَ غَضَبُ ٱللهِ لِأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ، وَوَقَفَ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ فِي ٱلطَّرِيقِ لِيُقَاوِمَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى أَتَانِهِ وَغُلَامَاهُ مَعَهُ. فَأَبْصَرَتِ ٱلْأَتَانُ مَلَاكَ ٱلرَّبِّ وَاقِفًا فِي ٱلطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ، فَمَالَتِ ٱلْأَتَانُ عَنِ ٱلطَّرِيقِ وَمَشَتْ فِي ٱلْحَقْلِ. فَضَرَبَ بَلْعَامُ ٱلْأَتَانَ لِيَرُدَّهَا إِلَى ٱلطَّرِيقِ. ثُمَّ وَقَفَ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ فِي خَنْدَقٍ لِلْكُرُومِ، لَهُ حَائِطٌ مِنْ هُنَا وَحَائِطٌ مِنْ هُنَاكَ. فَلَمَّا أَبْصَرَتِ ٱلْأَتَانُ مَلَاكَ ٱلرَّبِّ زَحَمَتِ ٱلْحَائِطَ، وَضَغَطَتْ رِجْلَ بَلْعَامَ بِٱلْحَائِطِ، فَضَرَبَهَا أَيْضًا. ثُمَّ ٱجْتَازَ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ أَيْضًا وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ حَيْثُ لَيْسَ سَبِيلٌ لِلنُّكُوبِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. فَلَمَّا أَبْصَرَتِ ٱلْأَتَانُ مَلَاكَ ٱلرَّبِّ، رَبَضَتْ تَحْتَ بَلْعَامَ. فَحَمِيَ غَضَبُ بَلْعَامَ وَضَرَبَ ٱلْأَتَانَ بِٱلْقَضِيبِ. فَفَتَحَ ٱلرَّبُّ فَمَ ٱلْأَتَانِ، فَقَالَتْ لِبَلْعَامَ: «مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ حَتَّى ضَرَبْتَنِي ٱلْآنَ ثَلَاثَ دَفَعَاتٍ؟». فَقَالَ بَلْعَامُ لِلْأَتَانِ: «لِأَنَّكِ ٱزْدَرَيْتِ بِي. لَوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لَكُنْتُ ٱلْآنَ قَدْ قَتَلْتُكِ». فَقَالَتِ ٱلْأَتَانُ لِبَلْعَامَ: «أَلَسْتُ أَنَا أَتَانَكَ ٱلَّتِي رَكِبْتَ عَلَيْهَا مُنْذُ وُجُودِكَ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ؟ هَلْ تَعَوَّدْتُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ هَكَذَا؟» فَقَالَ: «لَا». ثُمَّ كَشَفَ ٱلرَّبُّ عَنْ عَيْنَيْ بَلْعَامَ، فَأَبْصَرَ مَلَاكَ ٱلرَّبِّ وَاقِفًا فِي ٱلطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ، فَخَرَّ سَاجِدًا عَلَى وَجْهِهِ. فَقَالَ لَهُ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ: «لِمَاذَا ضَرَبْتَ أَتَانَكَ ٱلْآنَ ثَلَاثَ دَفَعَاتٍ؟ هَأَنَذَا قَدْ خَرَجْتُ لِلْمُقَاوَمَةِ لِأَنَّ ٱلطَّرِيقَ وَرْطَةٌ أَمَامِي، فَأَبْصَرَتْنِي ٱلْأَتَانُ وَمَالَتْ مِنْ قُدَّامِي ٱلْآنَ ثَلَاثَ دَفَعَاتٍ. وَلَوْ لَمْ تَمِلْ مِنْ قُدَّامِي لَكُنْتُ ٱلْآنَ قَدْ قَتَلْتُكَ وَٱسْتَبْقَيْتُهَا». فَقَالَ بَلْعَامُ لِمَلَاكِ ٱلرَّبِّ: «أَخْطَأْتُ. إِنِّي لَمْ أَعْلَمْ أَنَّكَ وَاقِفٌ تِلْقَائِي فِي ٱلطَّرِيقِ. وَٱلْآنَ إِنْ قَبُحَ فِي عَيْنَيْكَ فَإِنِّي أَرْجِعُ». فَقَالَ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ لِبَلْعَامَ: «ٱذْهَبْ مَعَ ٱلرِّجَالِ، وَإِنَّمَا تَتَكَلَّمُ بِٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ فَقَطْ». فَٱنْطَلَقَ بَلْعَامُ مَعَ رُؤَسَاءِ بَالَاقَ. فَلَمَّا سَمِعَ بَالَاقُ أَنَّ بَلْعَامَ جَاءَ، خَرَجَ لِٱسْتِقْبَالِهِ إِلَى مَدِينَةِ مُوآبَ ٱلَّتِي عَلَى تَخْمِ أَرْنُونَ ٱلَّذِي فِي أَقْصَى ٱلتُّخُومِ. فَقَالَ بَالَاقُ لِبَلْعَامَ: «أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ لِأَدْعُوَكَ؟ لِمَاذَا لَمْ تَأْتِ إِلَيَّ؟ أَحَقًّا لَا أَقْدِرُ أَنْ أُكْرِمَكَ؟» فَقَالَ بَلْعَامُ لِبَالَاقَ: «هَأَنَذَا قَدْ جِئْتُ إِلَيْكَ. أَلَعَلِّي ٱلْآنَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ؟ اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي يَضَعُهُ ٱللهُ فِي فَمِي بِهِ أَتَكَلَّمُ». فَٱنْطَلَقَ بَلْعَامُ مَعَ بَالَاقَ وَأَتَيَا إِلَى قَرْيَةِ حَصُوتَ. فَذَبَحَ بَالَاقُ بَقَرًا وَغَنَمًا، وَأَرْسَلَ إِلَى بَلْعَامَ وَإِلَى ٱلرُّؤَسَاءِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. وَفِي ٱلصَّبَاحِ أَخَذَ بَالَاقُ بَلْعَامَ وَأَصْعَدَهُ إِلَى مُرْتَفَعَاتِ بَعْلٍ، فَرَأَى مِنْ هُنَاكَ أَقْصَى ٱلشَّعْبِ.

العدد 6:22-41 الترجمة العربية المشتركة (المشتركة)

فتَعالَ الآنَ وا‏لعَنْ لي هذا الشَّعبَ لأنَّهُ أقوى مني، لعلِّي أقدرُ أنْ أضربَهُ وأطرُدَهُ مِنَ الأرضِ. فأنا أعلَمُ أنَّ مَنْ تُبارِكُهُ يكونُ مُبارَكا، ومَنْ تلعَنُهُ يكونُ مَلعونا». فذَهَبَ شُيوخُ موآبَ وشُيوخُ مِديانَ، وفي أيديهِم عطايا، وجاؤوا إلى بَلعامَ وأخبَروه بكلامِ بالاقَ. فقالَ لهُم: «بـيتوا هُنا اللَّيلةَ، فأرُدَّ علَيكُم جوابا، كما يقولُ ليَ الرّبُّ». فأقامَ رُؤساءُ موآبَ عندَ بَلعامَ. فأتى اللهُ بَلعامَ وقالَ لَه: «مَنْ هُم هؤلاءِ الرِّجالُ الّذينَ عندَكَ؟» فأجابَهُ بَلعامُ: «هؤلاءِ الرِّجالُ أرسلَهُم بالاقُ بنُ صِفُّورَ، ملِكُ موآبَ، ليَقولوا لي: «ها شعبٌ خرَجَ مِنْ مِصْرَ فغَطَّى وجهَ الأرضِ، فتَعالَ الآنَ وا‏لعَنْهُ، لعلِّي أقدرُ أنْ أُحاربَهُ وأطرُدَهُ». فقالَ اللهُ لبَلعامَ: «لا تذهَبْ معَهُم، ولا تَلعَنِ الشَّعبَ، فهوَ مُبارَكٌ». فقامَ بَلعامُ في الصَّباحِ وقالَ لرُسُلِ بالاقَ: «إنْصَرِفوا إلى أرضِكُم، لأنَّ الرّبَّ رفَضَ أنْ يأذَنَ لي في الذَّهابِ معَكُم». فقامَ رُؤساءُ موآبَ وعادوا إلى بالاقَ وقالوا لَه: «رفَضَ بَلعامُ أنْ يجيءَ معَنا». فأرسلَ بالاقُ أيضا رُؤساءَ كثيرينَ أعظمَ مِنْ أولئِكَ، فجاؤوا إلى بَلعامَ وقالوا لَه: «هذا ما قالَ بالاقُ بنُ صِفُّورَ: لا تمتَنِـعْ عَنِ المَجيءِ إليَّ، فأنا سأُكرِمُكَ جِدًّا وكُلُّ ما تقولُه أفعَلُه. تعالَ وا‏لعَنْ لي هذا الشَّعبَ». فأجابَهُم بَلعامُ: «لو أعطاني بالاقُ مِلءَ بـيتِهِ فضَّةً وذهَبا لما قدِرتُ أنْ أُخالِفَ كلامَ الرّبِّ إلهي في أمرٍِ صغيرٍ أو كبـيرٍ. لكنْ بـيتوا أنتُم أيضا هذِهِ اللَّيلةَ هُنا، فأرى ما يُكَلِّمُني بهِ الرّبُّ ثانيةً». فأتى اللهُ بَلعامَ ليلا وقالَ لَه: «إنْ كانَ هؤلاءِ القومُ جاؤوا ليَدعوكَ، فَقُمْ وا‏ذهَبْ معَهُم، لكنْ لا تفعَلْ إلاَّ ما أقولُهُ لكَ». فقامَ بَلعامُ في الصَّباحِ وركِبَ جحشَتَهُ وذهَبَ معَ رُؤساءِ موآبَ. فا‏شتَدَّ غضَبُ اللهِ لذهابِهِ، ووقَفَ ملاكُ الرّبِّ في الطَّريقِ تُجاهَهُ وهوَ راكِبٌ جحشَتَهُ ومعَهُ خادِماهُ. فرَأتِ الجَحشَةُ ملاكَ الرّبِّ واقفا في الطَّريقِ، وسَيفُه مَرفوعٌ بـيدِهِ، فمالَت عَنِ الطَّريقِ وسارَت في الحقلِ. فضَربَها بَلعامُ ليَرُدَّها إلى الطَّريقِ. فوقَفَ ملاكُ الرّبِّ في ممَرٍّ ضيِّقٍ بـينَ الكُرومِ، لَه حائطٌ مِنْ هُنا وحائطٌ مِنْ هُناكَ. فلمَّا رَأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ، صدَمَتِ الحائطَ فضغَطَت رِجْلَ بَلعامَ بالحائطِ فزادَ في ضَربِها. ثُمَّ عادَ ملاكُ الرّبِّ وتقدَّمَ إلى الأمامِ ووقَفَ في موضِعٍ ضيِّقٍ، لا سبـيلَ فيهِ للتَحَوُّلِ يمينا أو شمالا. فلمَّا رأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ ا‏ستَلْقَت تَحتَ بَلعامَ، فا‏شتَدَّ غضَبُهُ وضرَبَها بالعصا. ففتَحَ الرّبُّ فَمَ الجحشَةِ فقالَت لبَلعامَ: «ماذا صنَعْتُ بكَ حتّى ضرَبْتَني ثَلاثَ مرَّاتٍ؟» فقالَ لها بَلعامُ: «لأنَّكِ ا‏سْتَهزَأتِ بـي، ولو كانَ في يَدي سيفٌ لكُنتُ قتَلْتُكِ». فقالَت لَه الجحشَةُ: «أما أنا جحشَتُكَ الّتي ركِبْتَها طولَ حياتِكَ إلى اليومِ؟ هل عَوَّدْتُكَ أنْ أفعَلَ بكَ هكذا؟» قالَ بَلعامُ: «لا». فكشَفَ الرّبُّ عَنْ بصَرِ بَلعامَ، فرَأى ملاكَ الرّبِّ واقفا في الطَّريقِ وسيفُهُ مَسلولٌ بـيدِهِ، فوقَعَ ساجدا على وجهِهِ. فقالَ لَه ملاكُ الرّبِّ: «لماذا ضرَبْتَ جحشَتَك ثَلاثَ مرَّاتٍ؟ أنا ا‏عترضْتُ طريقَكَ لأنَّه معوَجٌّ أمامي‌، فرأتني الجَحشَةُ فمالَت مِنْ أمامي ثَلاثَ مرَّاتٍ ولو لم تمِلْ عنِّي لقَتَلْتُكَ في الحالِ وأبقَيتُها». فقالَ بَلعامُ لمَلاكِ الرّبِّ: «خَطئْتُ لأنِّي ما عرَفْتُ أنَّكَ وقَفْتَ تُجاهي في الطَّريقِ. والآنَ فإنْ ساءكَ أنْ أتابعَ طريقي، فإنِّي أرجعُ». فأجابَهُ الملاكُ: «إذهَبْ معَ القوم ولا تَقُلْ إلاَّ ما أقولُ لكَ». فذهَبَ بَلعامُ معَ رُؤساءِ بالاقَ. فلمَّا سَمعَ بالاقُ بمَجيءِ بَلعامَ خرَجَ للقائِهِ إلى عَيْرِ موآبَ‌، وهيَ مدينةٌ على حدودِ أرنونَ الواقعةِ في طرَفِ الحدودِ. فقالَ بالاقُ لبَلعامَ «أما أرسلْتُ إليكَ مرَّةً قَبلَ هذِهِ أدعوكَ، فلماذا رفَضْتَ المَجيءَ؟ أتَظنُّني لا أقدرُ أنْ أُكرمَكَ؟» فأجابَهُ بَلعامُ: «والآنَ بعدَ أنْ جئْتُ إليكَ، أتَظنُّني أقدرُ أنْ أقولَ غيرَ الكلامِ الّذي يُلقيه الرّبُّ في فَمي؟» وذهَبَ بَلعامُ معَ بالاقَ ودَخَلا مدينةَ حَصوتَ. فذبَحَ بالاقُ بقَرا وغنَما وأرسَلَ إلى بَلعامَ والرُؤساءِ الّذينَ معَهُ. ولمَّا طلَعَ الصَّباحُ صَعدَ بالاقُ معَ بَلعامَ إلى باموتَ بَعْلٍ‌، فشاهَدَ مِنْ هُناكَ طرَفا مِنْ شعبِ إِسرائيلَ.

العدد 6:22-41 كتاب الحياة (KEH)

فَتَعَالَ الآنَ وَالْعَنْ لِي هَذَا الشَّعْبَ لأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنِّي، لَعَلِّي أَتَمَكَّنُ مِنْ دَحْرِهِ وَطَرْدِهِ مِنَ الأَرْضِ، لأَنِّي عَرَفْتُ أَنَّ مَنْ تُبَارِكُهُ يَكُونُ مُبَارَكاً وَمَنْ تَلْعَنُهُ يَكُونُ مَلْعُوناً». فَمَضَى شُيُوخُ مُوآبَ وَشُيُوخُ مِدْيَانَ حَامِلِينَ مَعَهُمْ حُلْوَانَ الْعِرَافَةِ، وَأَقْبَلُوا عَلَى بَلْعَامَ وَأَبْلَغُوهُ كَلامَ بَالاقَ. فَقَالَ لَهُمْ: «بِيتُوا هُنَا اللَّيْلَةَ، وَغَداً أَرُدُّ عَلَيْكُمْ جَوَاباً كَمَا يُعْلِنُ لِي الرَّبُّ». فَمَكَثَ رُؤَسَاءُ مُوآبَ عِنْدَ بَلْعَامَ. فَتَجَلَّى اللهُ لِبَلْعَامَ وَسَأَلَهُ: «مَنْ هُمْ هَؤُلاءِ الرِّجَالُ الَّذِينَ عِنْدَكَ؟» فَأَجَابَ: «لَقَدْ أَرْسَلَ بَالاقُ بْنُ صِفُّورَ مَلِكُ مُوآبَ إِلَيَّ قَائِلاً: هَا قَدْ خَرَجَ شَعْبٌ مِنْ مِصْرَ يُغَشِّي وَجْهَ الأَرْضِ. فَتَعَالَ الآنَ وَالْعَنْهُ لِي، لَعَلِّي أَقْدِرُ عَلَى مُحَارَبَتِهِ وَطَرْدِهِ». فَقَالَ اللهُ لِبَلْعَامَ: «لا تَمْضِ مَعَهُمْ وَلا تَلْعَنِ الشَّعْبَ لأَنَّهُ مُبَارَكٌ». فَنَهَضَ بَلْعَامُ فِي الصَّبَاحِ وَقَالَ لِرُؤَسَاءِ بَالاقَ: «انْطَلِقُوا إِلَى دِيَارِكُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ أَبَى أَنْ يَأْذَنَ لِي بِالذَّهَابِ مَعَكُمْ». فَانْطَلَقَ رُؤَسَاءُ مُوآبَ وَأَبْلَغُوا بَالاقَ أَنَّ بَلْعَامَ رَفَضَ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُمْ. فَعَادَ بَالاقُ وَبَعَثَ أَيْضاً عَدَداً مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَكْبَرَ، وَعُظَمَاءَ أَكْثَرَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ. فَقَدِمُوا عَلَى بَلْعَامَ وَقَالُوا: «هَذَا مَا يَقُولُهُ لَكَ بَالاقُ بْنُ صِفُّورَ: لَا تَتَقَاعَسْ عَنِ الْمَجِيءِ إِلَيَّ، لأَنَّنِي سَأُبَالِغُ فِي إِكْرَامِكَ، وَكُلُّ مَا تَطْلُبُهُ أَفْعَلُهُ، فَتَعَالَ الآنَ وَالْعَنْ هَذَا الشَّعْبَ». فَأَجَابَ بَلْعَامُ رُسُلَ بَالاقَ: «لا يُمْكِنُنِي أَنْ أَعْصَى أَمْرَ الرَّبِّ إِلَهِي فِي أَيِّ عَمَلٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، وَلَوْ أَغْدَقَ عَلَيَّ بَالاقُ مِلْءَ قَصْرِهِ فِضَّةً وَذَهَباً. فَالآنَ، اقْضُوا هُنَا لَيْلَتَكُمْ لأَعْلَمَ بِمَاذَا يَعُودُ الرَّبُّ فَيُوْصِينِي بِهِ». فَتَرَاءَى اللهُ لِبَلْعَامَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «إِنْ جَاءَ الرِّجَالُ يَسْتَدْعُونَكَ فَقُمْ وَامْضِ مَعَهُمْ، إِنَّمَا لَا تَنْطِقْ إِلّا بِمَا آمُرُكَ بِهِ فَقَطْ». فَنَهَضَ بَلْعَامُ صَبَاحاً وَأَسْرَجَ أَتَانَهُ، وَانْطَلَقَ مَعَ رُؤَسَاءِ مُوآبَ. فَاحْتَدَمَ غَضَبُ اللهِ لأَنَّهُ مَضَى مَعَهُمْ، فَاعْتَرَضَهُ مَلاكُ الرَّبِّ فِي الطَّرِيقِ لِيُقَاوِمَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى أَتَانِهِ وَغُلامَاهُ مَعَهُ. فَأَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ مُنْتَصِباً فِي الطَّرِيقِ، وَقَدِ اسْتَلَّ سَيْفَهُ بِيَدِهِ، فَحَادَتْ عَنِ الطَّرِيقِ وَمَشَتْ فِي الْحَقْلِ. فَضَرَبَهَا بَلْعَامُ لِيَرُدَّهَا إِلَى الطَّرِيقِ. ثُمَّ وَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي مَمَرٍّ لِلْكُرُومِ يَقُومُ عَلَى جَانِبَيْهِ حَائِطَانِ. فَلَمَّا شَاهَدَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ زَحَمَتْ جَانِبَ الْحَائِطِ وَضَغَطَتْ رِجْلَ بَلْعَامَ عَلَيْهِ، فَضَرَبَهَا أَيْضاً. ثُمَّ اجْتَازَ بِهِ مَلاكُ الرَّبِّ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ، لَا سَبِيلَ فِيهِ لِلتَّحَوُّلِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً. فَلَمَّا رَأَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ رَبَضَتْ تَحْتَ بَلْعَامَ. فَثَارَ غَضَبُ بَلْعَامَ وَضَرَبَ الأَتَانَ بِالْقَضِيبِ. عِنْدَئِذٍ أَنْطَقَ الرَّبُّ الأَتَانَ، فَقَالَتْ لِبَلْعَامَ: «مَاذَا جَنَيْتُ حَتَّى ضَرَبْتَنِي الْآنَ ثَلاثَ دَفْعَاتٍ؟» فَقَالَ بَلْعَامُ: «لأَنَّكِ سَخَرْتِ مِنِّي. لَوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لَكُنْتُ قَدْ قَتَلْتُكِ». فَأَجَابَتْهُ الأَتَانُ: «أَلَسْتُ أَنَا أَتَانَكَ الَّتِي رَكِبْتَ عَلَيْهَا دَائِماً إِلَى هَذَا الْيَوْمِ؟ وَهَلْ عَوَّدْتُكَ أَنْ أَصْنَعَ بِكَ هَكَذَا؟» فَقَالَ: «لا». عِنْدَئِذٍ كَشَفَ الرَّبُّ عَنْ عَيْنَيْ بَلْعَامَ، فَشَاهَدَ مَلاكَ الرَّبِّ مُنْتَصِباً فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ، فَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ سَاجِداً. فَقَالَ لَهُ مَلاكُ الرَّبِّ: «لِمَاذَا ضَرَبْتَ الآنَ أَتَانَكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ؟ فَهَا أَنَا قَدْ جِئْتُ لأَعْتَرِضَكَ، لأَنَّ طَرِيقَكَ مُلْتَوِيَةٌ فِي نَظَرِي، فَشَاهَدَتْنِي الأَتَانُ فَحَادَتْ مِنْ أَمَامِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ. وَلَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَكُنْتُ قَدْ قَتَلْتُكَ وَاسْتَحْيَيْتُهَا». فَقَالَ بَلْعَامُ لِمَلاكِ الرَّبِّ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّكَ وَاقِفٌ لاِعْتِرَاضِي فِي الطَّرِيقِ. وَالآنَ إِنْ سَاءَ فِي عَيْنَيْكَ فَإِنِّي أَرْجِعُ». فَقَالَ مَلاكُ الرَّبِّ لِبَلْعَامَ: «امْضِ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ أَنْ تَنْطِقَ بِمَا آمُرُكَ بِهِ فَقَطْ». فَانْطَلَقَ بَلْعَامُ مَعَ رُؤَسَاءِ بَالاقَ. فَلَمَّا بَلَغَ بَالاقَ أَنَّ بَلْعَامَ قَدْ قَدِمَ أَسْرَعَ لاِسْتِقْبَالِهِ إِلَى مَدِينَةِ مُوآبَ الْوَاقِعَةِ عَلَى حُدُودِ أَرْنُونَ الْقَصِيَّةِ. فَقَالَ بَالاقُ لِبَلْعَامَ: «أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ أَسْتَدْعِيكَ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَقْدِمْ عَلَيَّ؟ أَحَقّاً أَعْجَزُ عَنْ إِكْرَامِكَ؟» فَأَجَابَ بَلْعَامُ: «هَا أَنَا جِئْتُ إِلَيْكَ. أَتَظُنُّ أَنَّ فِي وُسْعِي أَنْ أَتَكَلَّمَ الآنَ بِمَا أُرِيدُ؟ عَلَيَّ أَنْ أَنْطِقَ فَقَطْ بِمَا يَأْمُرُنِي بِهِ الرَّبُّ». فَمَضَى بَلْعَامُ مَعَ بَالاقَ حَتَّى أَقْبَلا إِلَى قَرْيَةِ حَصُوتَ. فَذَبَحَ بَالاقُ بَقَراً وَغَنَماً وَأَرْسَلَهَا إِلَى بَلْعَامَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الرُّؤَسَاءِ. وَفِي الصَّبَاحِ التَّالِي أَخَذَ بَالاقُ بَلْعَامَ إِلَى مُرْتَفَعَاتِ بَعْلٍ، فَرَأَى مِنْ هُنَاكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلَّهُمْ.

العدد 6:22-41 الترجمة الكاثوليكيّة (اليسوعيّة) (ت.ك.ع)

فالآنَ تعالَ فٱلعَنْ لي هٰذا الشَّعْب، لأَنَّه أَقْوى مِنِّي، لَعَلِّي أَستَطيعُ أَن أَضرِبَه وأَطرُدَه مِنَ الأَرض. لأَنِّي أَعلَمُ أَنَّ مَن تُبارِكُه يَكونُ مُبارَكًا ومَن تَلعَنُه يَكونُ مَلْعونًا». فمَضَى شُيوخُ موآبَ وشُيوخُ مِديَن، وفي أَيديهِم حُلْوانُ العِرافة، وأَتَوا إِلى بِلْعامَ وأَخبَروه بِكَلامِ بالاق. فقالَ لَهم: «بيتوا هٰهُنا اللَّيلَةَ فأَرُدَّ علَيكم جَوابًا كما يَقولُ لِيَ الرَّبّ». فمَكَثَ رُؤَساءُ موآبَ عِندَ بِلْعام. فأَتى اللهُ بِلْعامَ وقالَ له: «مَن هُم هٰؤُلاءِ الرِّجالُ الَّذينَ عِندَكَ؟» فقال بِلْعامُ لله: «إِنَّ بالاقَ بنَ صِفُّور، مَلِكَ موآب، أَرسَلَ إِلَيَّ أَنْ هُوَذا شَعبٌ قد خَرَجَ مِن مِصرَ فغَطَّى وَجهَ الأَرض. فالآنَ تَعالَ وٱلعَنْه لي، لَعَلِّي أَستَطيعُ أَن أُحارِبَه وأَطرُدَه». فقالَ اللهُ لِبِلْعام: «لا تَمْضِ معَهم ولا تَلعَنِ الشَّعبَ، فإِنَّه مُبارَكٌ». فقامَ بِلْعامُ في الصَّباح وقالَ لِرُؤَساءِ بالاق: «إِنصَرِفوا إِلى أَرضِكم، لأَنَّ الرَّبَّ أَبى أَن يأذَنَ لي في الذَّهابِ معَكم». فقامَ رُؤَساءُ موآبَ وعادوا إِلى بالاقَ وقالوا: «قد أَبى بِلْعامُ أَن يأتِيَ معَنا». فعادَ بالاقُ فأَرسَلَ رُؤَساءَ كَثيرينَ أَجَلَّ مِن أُولٰئِكَ. فأَتَوا بِلْعامَ وقالوا لَه: «كَذا قالَ بالاقُ ٱبنُ صِفُّور: لا تَمْتَنِعْ مِنَ المَجيءِ إِلَيَّ، فإِنِّي سأُكرِمُكَ جِدًّا، وكُلُّ ما تَقولُه لي أَصنَعُه. تَعالَ فٱلعَنْ لي هٰذا الشَّعْب». فأَجابَ بِلْعامُ مُرسَلي بالاقَ وقالَ لَهم: «لَو أَعْطاني بالاقُ مِلْءَ بَيتِه فِضَّةً وذَهَبًا، لم أَستَطِعْ أَن أَتَجاوَزَ أَمرَ الرَّبِّ إِلٰهي فأَعمَلَ شَيئًا صَغيرًا أَو كَبيرًا. والآنَ ٱمكُثوا أَنتُم أَيضًا هٰذه اللَّيلَةَ هُنا، فأَعلَمُ ما يَعودُ الرَّبُّ فيُكَلِّمُني بِه». فأَتى اللهُ بِلْعامَ لَيلًا وقالَ لَه: «إِن كانَ هٰؤُلاءِ النَّاسُ جاءُوا لِيَدعوكَ، فقُمْ وٱمضِ معَهم. لٰكِنَّ الأَمرَ الَّذي أَقولُه لَكَ إِيَّاه تَصنَعُ فَقَط». فقامَ بِلْعامُ في الصَّباح ووَضَعَ البَرذَعَةَ على أَتانِه ومَضى مع رُؤَساءِ موآب. فغَضِبَ اللهُ لِمُضِيِّه ووَقَفَ ملاكُ الرَّبِّ في الطَّريقِ لِيُقاوِمَه، وهو راكِبٌ على أَتانِه ومعَه خادِماه. فرَأتِ الأَتانُ ملاكَ الرَّبِّ واقِفًا في الطَّريق، وسَيفُه مُجَرَّدٌ بِيَدِه، فمالَت عنِ الطَّريقِ وسارَت في الحُقول. فَضَرَبَها بِلْعامُ لِيَرُدَّها إِلى الطَّريق. فوَقَفَ ملاكُ الرَّبِّ في مَضيقٍ بَينَ الكُروم، وكانَ حائِطٌ مِن هُنا وحائِطٌ مِن هُناك. فلَمَّا رَأَتِ الأَتانُ مَلاكَ الرَّبّ، اِلتَصَقَت بِالحائِطِ فضَغَطَت على رِجْلِ بِلْعامَ بِالحائط، فعادَ إِلى ضَرْبِها. ثُمَّ عادَ ملاكُ الرَّبِّ فجازَ ووَقَفَ في مَوضِعٍ ضَيِّقٍ لا سَبيلَ فيه لِلتَّحَوُّلِ يَمنَةً أَو يَسرَةً. فلَمَّا رَأَتِ الأَتانُ مَلاكَ الرَّبّ، رَبَضَت تَحتَ بِلْعام، فغَضِبَ بِلْعامُ وضَرَبَ الأَتانَ بِالعَصا. ففَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتانِ فقالَت لِبِلْعام: «ماذا صَنَعتُ بِكَ حتَّى ضَرَبْتَني ثَلاثَ مَرَّات؟» فقالَ بِلْعامُ لِلأَتان: «لأَنَّكِ سَخِرتِ مِنِّي، ولَو كانَ في يَدي سَيفٌ لَكُنتُ قَتَلتُكِ على الفَور». فقالَتِ الأَتانُ لِبِلْعام: «أَلَستُ أَنا أَتانَكَ الَّتي رَكِبتَها مُنذُ كُنتَ إِلى اليَوم؟ هَل عَوَّدتُكَ أَن أَصنَعَ بِكَ كَذا؟» قالَ «لا». فكَشَفَ الرَّبُّ عن بَصَرِ بِلْعام، فرَأَى مَلاكَ الرَّبِّ واقِفًا في الطَّريق، وسَيفُه مُجَرَّدٌ بِيَدِه، فٱنحَنى ساجِدًا على وَجهِه. فقالَ لَه مَلاكُ الرَّبّ: «لِماذا ضَرَبتَ أَتانَكَ ثَلاثَ مَرَّات؟ فهاءَنَذا خَرَجتُ ووَقَفتُ مُقاوِمًا، لأَنَّ الطَّريقَ مَسْدود. فرَأَتني الأَتانُ فمالَت مِن أَمامي ثَلاثَ مَرَّات، ولَو لم تَمِلْ عَنِّي لَقَتَلتُكَ على الفَورِ وأَبقَيتُها». فقالَ بِلْعامُ لِمَلاكِ الرَّبّ: «قد خَطِئتُ لأَنِّي لم أَعلَمْ أَنَّكَ واقفٌ تجاهي في الطَّريق. والآنَ فإِن ساءَ في عَينَيكَ فإِنِّي أَرجِع». فقالَ مَلاكُ الرَّبِّ لِبِلْعام: «إِمْضِ مع النَّاس، والقَولُ الَّذي أَقولُه لَكَ إِيَّاه تَقولُ فقَط». فمَضى بِلْعامُ مع رُؤَساءِ بالاق. فلَمَّا سَمِعَ بالاقُ بِمَجيءِ بِلْعام، خَرَجَ لِمُلاقاتِه إِلى عارَ مُوآبَ الَّتي على حُدودِ أَرْنونَ الواقِعَةِ في طَرَفِ الحُدود. فقالَ بالاقُ لِبِلْعام: «أَلَم أُرسِلْ إِلَيكَ لأَدعُوَكَ؟ فلِماذا لم تَأتِ إِلَيَّ؟ أَتُراني لَستُ قادِرًا على إِكْرامِكَ؟ فقالَ بِلْعامُ لِبالاق: «والآنَ وقد أَتَيتُ إِلَيكَ، أَتُراني أَستَطيعُ أَن أَقولَ أَيَّ شَيء؟ فالكَلامُ الَّذي يَضَعُه اللهُ على فمي إِيَّاه أَقولُ». ومَضَى بِلْعامُ مع بالاق ودَخَلا قِرْيَتَ حُصوت. فذَبَحَ بالاقُ بَقَرًا وغَنَمًا وأَرسَلَ مِنها إِلى بِلْعامَ وإِلى الرُّؤَساءِ الَّذينَ معَه. وفي الصَّباح، أَخَذَ بالاقُ بِلْعامَ وصَعِدَ بِه إِلى باموتَ بَعْل، فرأَى مِن هُناكَ أَقْصى الشَّعْب.