ليأتِ ملكوتكعينة

ليأتِ ملكوتك

يوم 1 من إجمالي 14

اليوم 01 – الخلق (التكوين 1: 27-28)

تَأْتِي كَلِمَةُ إسخاتولوجي مِنْ كَلِمَتَيْنِ فِي اللُّغَةِ اليُونَانِيَّة: إسخاتوس (ἔσχατος)، وَتَعْنِي "أَخِير"، أَوْ "نِهَائِيّ"; ولوجوس (λόγος)، وَتَعْنِي هُنَا "دِرَاسَة". وَبِالتَّالِي، فَإِنْ "الإسخاتولوجي" هُوَ دِرَاسَةُ الأُمُورِ الأَخِيرَةِ أَوْ عَقِيدَةُ الأُمُورِ الأَخِيرَةِ. وَبِوَجْهٍ عَامٍ، يُغَطِّي الإسخاتولوجي فَتْرَةَ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ كَامِلَةً الَّتِي بَدَأَتْ مِنْ حَيَاةِ يَسُوع وَخَدَمَتِهِ، وَسَتَكْتَمِلُ حِينَ يَأْتِي ثَانِيَةً.

إِنَّ غَالِبِيَّةَ المُؤْمِنِينَ عَلَى دِرَايَةٍ جَيِّدَةٍ بِعَمَلِ اللهِ فِي الخَلْقِ، المَذْكُورِ بِالتَّفْصِيلِ فِي الأصحاحِ 1 و 2 مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ. يُعَلِّمُ الأصحاحُ 1 مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَرَتَّبَهَا. فَقَدْ خَلَقَ جَمِيعَ العَوَالِمِ بِدَاخِلِ الِكَوْن، كَالمِيَاهِ، وَاليَابِسَةِ، وَالسَّمَاوَاتِ. وَخَلَقَ جَمِيعَ المَخْلُوقَاتِ لِتَسْكُنَ هَذِهِ العَوَالِمَ، كَالأَسْمَاكِ، وَبَهَائِمِ الأَرْضِ، وَالطُّيُورِ. وَبِالطَبْعِ، خَلَقَ البَشَرَ لِيُدِيرُوا الخَلِيقَةَ بِأَكْمَلِهَا، أَي الأَرْضَ نَفْسَهَا وَجَمِيعَ مَخْلُوقَاتِهَا، وَيَتَسَلَّطُوا عَلَيْهَا. استمعْ إلى ما كتبَه موسى في سفرِ التكوينِ 1: 27-28.

فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ» (التكوين 1: 27-28).

بِحَسَبِ لُغَةِ الشَّرْقِ الأَدْنَى القَدِيمِ، أَرَادَ اللهُ أَنْ يَكُونَ البَشَرَ "اِتِّبَاعًا" لَهُ أَوْ مُلُوكًا يُخدِمُونَهُ. كَانَ دَوْرُنَا هُوَ أَنْ نَتَسَلَّطَ عَلَى الخَلِيقَةِ نِيَابَةً عَنِ اللهِ، "السَّيِّدُ" العَظِيمُ أَوْ الإِمْبِرَاطُور. تَتَعَزَّزُ هَذِهِ الفِكْرَةُ مِنْ خِلَالِ حَقِيقَةِ خلْقِ البَشَرِ "عَلَى صُورَةِ اللهِ". فَفِي العَالَمِ القَدِيم، اِعْتَادَ المُلُوكُ أَنْ يُقِيمُوا تماثيلًا أَوْ صُوَرًا لهُمْ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ مَمَالِكِهِمْ. وَبِهَذَا يُظْهِرُونَ سُلْطَانَهُمْ وَتَسَلُّطَهُمْ عَلَى الأَرْضِ وَشَعْبِهَا، فَيَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ الكَرَامَةَ وَالمَجْد. وَهَكَذَا، حِينَ خَلقَ اللهُ البَشَرَ عَلَى صُورَتِهِ، أَشَارَ إِلَى خُطَّتِهِ بِأَنْ يُؤَسِّسَ مَلَكُوتًا عَلَى الأَرْضِ. وَنَعْلَمُ أَنَّ اللهَ كَانَ مَسْرُورًا بِهَذَا التَّرْتِيبِ الأَوَّلِيِّ لِلعَالَمِ، وَبِالدَّوْرِ الَّذِي أَوْكَلَهُ لِلبَشَرِ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي سَفَرِ التَّكْوِينِ 1: 31 إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ كَانَ "حَسَنًا جِدًّا". لَكِنْ كَانَتْ لَدَيْهِ خُطَطٌ تَجْعَلُهُ أَيْضًا أَفْضَلَ حَالًا. انظرْ إلى سفرِ التكوينِ 1: 27-28:

فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ ... وَقَالَ لَهُمْ: ... «امْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا» (التكوين 1: 27-28).

لم يرغبْ اللهُ فقط في زوجٍ وزوجةٍ يديران الأشياءَ التي خلقها. بل أرادهما أن يملآ الأرضَ، ويحوِّلاها إلى ملكوتِه الأرضيّ.

يُشِيرُ عُلَمَاءُ اللَّاهُوتِ بِوَجْهٍ عَامٍ إِلَى هَذِهِ الأَعْدَادِ بِاسْمِ "التَّكْلِيفِ الحَضَارِيِّ"، لِأَنَّهَا تُطَالِبُ البَشَرَ بِبِنَاءِ حَضَارَةٍ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ العَالَمِ. لَا يَعْنِي هَذَا فَقَطْ أَنْ يُكْثِرُوا لِيَأْتُوا بِعَدَدٍ كَافٍ مِنْ البَشَرِ لِيَمْلَأُوا الأَرْضَ، بَلْ أَيْضًا أَنْ يُنْشِؤوا حَضَارَةً بَشَرِيَّةً فِي كُلِّ أَنْحَاءِ العَالَمِ - كَالعَائِلَاتِ وَالحُكُومَاتِ، وَالعَمَلِ بِالزِّرَاعَةِ وَتَرْبِيَةِ الحَيَوَانَاتِ، بَلْ وَأَيْضًا الفُنُونِ وَالعُلُوم.

تَتَّضِحُ المَعَانِي المُتضمَّنةُ فِي التَّكْلِيفِ الحَضَارِيِّ أَكْثَرَ فِي سفرِ التَّكْوِينِ الأصحاحِ 2، حَيْثُ غَرَسَ اللهُ جَنَّةً فِي أَرْضِ عدن. وَتَحْدِيدًا، كَانَتْ الجَنَّةُ نَمُوذَجًا لِلكَمَالِ الَّذِي أَرَادَ اللهُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ العَالَمُ تَحْتَ قِيَادَةِ البَشَرِ. كما نقرأُ في سفرِ التكوينِ 2: 15:

وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا (التكوين 2: 15).

كَانَتْ وَظِيفَةُ البَشَرِ هِيَ أَنْ يعْتَنُوْا بِالجَنَّةِ. إِلَّا أَنَّ الكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ اِسْتَخْدَمَهُمَا مُوسَى هُنَا - يَعْمَلُ وَيَحْفَظُ - هُمَا مُصْطَلَحَانِ تَقْنِيَّانِ. فَقَدْ اِسْتَخْدَمَ مُوسَى نَفْسَ الكَلِمَتَيْنِ فِي سفرِ العَدَدِ 3: 8 لِوَصْفِ خِدْمَةِ الكَهَنَةِ فِي خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ.

وَهَكَذَا، تُخْبِرُنَا الصُّورَةُ المُرَكَّبَةُ لِدَوْرِ البَشَرِ كَمُلُوكٍ خُدَّامٍ فِي سفرِ التَّكْوِينِ الأصحاحِ 1، وَكَكَهَنَةٍ خُدَّامٍ فِي الأصحاحِ 2، بِأَنَّ البَشَرَ هُمْ صُورَةُ اللهِ المَلَكِيَّةُ والكهنوتية. تَقْتَضِي وَظِيفَتُنَا أَنْ نمِدَّ حُكْمَهُ إِلَى أَنْ يَمْلَأَ كُلَّ العَالَمِ، وَأَنْ نَعْتَنَيَ بِالأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى أَنْ يُشْبِهَ كُلُّ شَيْءٍ جَنَّةَ عدن. وَيَمِدُّنَا هَذَا الدَّوْرُ البَشَرِيُّ بِاللَّمْحَةِ الأُولَى فِي الكِتَابِ المُقَدَّسِ عَنْ الإسخاتولوجي. إِذْ يُبِينُ هَذَا أَنَّ اللهَ يُخَطِّطُ أَنْ يَمْلَأَ الأَرْضَ بِصُورٍ لَهُ تَخْدُمُهُ وَتُكَرِّمُهُ بِتَسَلُّطِهَا عَلَى الخَلِيقَةِ نِيَابَةً عَنْهُ.

يوم 2

عن هذه الخطة

ليأتِ ملكوتك

لقد فتن الناس لقرون بموضوع دراسة الأمور الأخيرة، أو نهاية الأيام. ولكن ما الذي يقوله الكتاب المقدس عن هذا الموضوع الرائع؟ أيُّ مستقبلٍ قد خططه الله لخليقته وشعبه؟ في هذه السلسلة، ندرس ما تعلّمه الأسفار المقدسة عن الأيام الأخيرة، بالإضافة للعديد من الموضوعات الصعبة، مثل الحياة بعد الموت، والقيامة العامة، واكتمال ملكوت المسيح المِسيانيّ في السماوات الجديدة والأرض الجديدة.

More

ود أن نشكر Third Millennium Ministries على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org/