حب بجرأةعينة

حب بجرأة

يوم 5 من إجمالي 8

الحبّ الجريء

لوقا 10: 25-37)

"25 وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: "يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟" (ربّما يسأل لأنَّه سمع يسوع يقول: ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر الى الوراء يصلُح لملكوت الله).

26 فَقَالَ لَهُ:"مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟"

27 فَأَجَابَ وَقَالَ:"تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ (حياتك بكاملها)، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ (قدرتك الجسدية)، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ (عقلك وتفكيرك)، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ". (تُحبّ قريبك كَنفسِك، أي تُحبّه كأنّه هو نفسك. هو لا يتحدّث هنا عن محبّة الذات أبدًا، بل يقول تُحبّ الآخر معتبِرًا إيّاه نفسك، أي له نفس قيمتك، نفس منزلتك)

28 فَقَالَ لَهُ: "بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هذَا فَتَحْيَا". (لاويّين 18: 5 فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا فيها.)

29 وَأَمَّا هُوَ فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ، (ربّما ليتذاكى، أو لِيُظْهِر للناس أنَّه بارّ) قَاَلَ لِيَسُوعَ: "وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟"

30 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: "إنسان كَانَ نَازِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا (معقل الكثير من الكهنة واللاويين)، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ، وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ.

31 فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِنًا نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ.

32 وَكَذلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضًا، إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ.

33 وَلكِنَّ سَامِرِيًّا مُسَافِرًا جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ،

34 فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ، وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُق وَاعْتَنَى بِهِ (قضى ليلته يهتمّ به).

35 وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ (أجرة أسبوعين في فندق) وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ. (ما أجمل الذين يساعدون الناس بمالهم وعلاقاتهم!).

36 فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟"

37 فَقَالَ: "الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ". فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: "اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا".

يُحاكي هذا المثل الضمير، ويرفع الإنسان إلى مستوى المحبّة الحقيقيّة. ومنه نستوحي بعض الأفكار:

- المحبة الجريئة تتخطّى العوائق وتتغلَّب على الموانع.

في طريقة التعبير عن اللقاء بالجريح المرمي إلى جانب الطريق: الأول "نزل في تلك الطريق، فرآه وجاز". والثاني، "صار عند المكان، فنظر إليه وجاز". والثالث، السامري، "جاء إليه... وتحنَّن". نُلاحظ أنَّ الكاهن واللاويّ كانا الأكثر بُعْدًا عن المُساعدة وعمل المحبّة. إذ دفعهما النظر إلى الحذر وحماية الذات، أما بالنسبة إلى الثالث كان النظر مصدر الشفقة، فتحنّن. والسؤال الذي يُطرَح هنا: "ماذا أعاقهما عن الاقتراب والمُساعدة؟".

وإذا عُدنا إلى فرائض الشريعة، نجد أنَّ لمس الجثّة يُسبِّب النجاسة لأسبوع كامل: إذا مرّ ظلّك فوقها، أو لمست ما لمست تتنجّس (يجب أن تبقى بعيدًا). إذًا، ربّما هو لا يُريد أن يكسر الوصية. لأنه مكتوب في لاويّين 18: 5 "فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا فيها".

لكن بالنسبة إلى المسيح، تتجاوز المحبّة كلّ الفرائض، ولا شيء يقف في وجهها (بعكس الناموس الذي "يحول" دون إنقاذ حياة على شفير الموت!). وعندما تُصبِح الشريعة عائقًا أمام المحبّة تسقط الشريعة. المحبة الجريئة تعمل.

- المحبة الجريئة لا تعرف الحدود.

أ - صحيح أنَّ الإنسان (بلا ثياب) وبعيدًا عن بيئته لا تُعرَف هويّته، أمّا المحبّة فلا تَعرف الحدود.

ب - لم تكن العلاقات بين اليهود والسامريين سويَّةً، بل كان الكُره عامًّا، إذ يرمي كلّ واحد نفاياته في شوارع الآخرين، ويستعبدون بعضهم بعضًا، يتقاتلون حتّى الموت، وكم أحرقوا بيوت بعضهم البعض. وكان معروفًا أنَّ مَن يأكل خبزًا مع سامريّ، كأنّه يأكل جلد الخنزير النجس.

ج – السؤال: إلى أيّ مدًى عليَّ أن أُحِبّ؟

- المحبة الجريئة تغيّر هويّتك

أ - "من هو قريبي؟" سأله النّاموسيّ، فروى له يسوع قصّة وعلى إثرها سأله: "فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟"

ب - المسيح يُركِّز على الفاعل وليس على من يقع عليه الفعل. المحبّة الحقيقيّة (الجريئة) تُغيّر كلّ تصرّفاتي وتفكيري. (فمِن أيّ نوع من الناس يجب أن يكون المُحِبّ؟)

ج – لا تُفرِّق المحبّة بين مَن تعرفه ومَن لا تعرِفه، بين القريب والبعيد. فالمحبَّة لا تُصنِّف الآخر بل تكتشفه. لا تجعل منه جارًا، بل تُدخِله إلى أعماق كياني.

د - المياه لا تسأل شاربها مَن أنت؟ والوردة التي تفوح منها رائحة زكيّة، لا تسأل أنفَ مَن يَشُمّني؟ وعندما عُلِّق الحبُّ على الصليب، لم يسأل المصلوب يدَ مَن تُسمِّرني بل هتف صارخًا، إغفر لهم".

ه – تجعلني المحبَّة قريبًا من الكلّ. فأكون أنا قريبَ الطفل في رَحِم أمّه، وقريبَ البعيد والمختلِف عنّي، لأضمّد جراحه دون شرط، وقريب الشّاذِّ والسّوِيّ، وقريب الذي على فراش الموت لِأُساعِده لِينتقل إلى الحياة الأخرى بكرامته وبلا عذاب وألم. هذا هو قريبي الذي أُحِبُّه.

- المحبة تنبع من الإيمان

المحبَّة هي فعل إيمان وثقة بالله، ومحبّتك للقريب تنبع من محبّتك لله. تُحبّ الربَّ "من كلّ قلبك وكيانك وقدرتك وكلّ فكرك..." فَيُصبِح الله همّك الأوّل والأخير، وتضع فيه ثقتك بالكامل، فيُولَد لديك شوق وانجذاب نحو اللّامُتناهي. وعندما تلتقي به، يولد فيك الإيمان الحقيقي، فلا تعود تقدر أن تُحِبّ من دونه. ولا تعود المحبّة مجرّد القيام بأعمال لِتَكسب خلاصك، لأنّ الحبّ لا يفصل بين الإيمان والأعمال، بل يفترض ثقة ويتوقَّع أعمالًا.

حبّ يسوع واستعداده للموت من أجل الخطأة، دفعه لكي يموت من أجلنا، وقد نَطَق بِمَثَل "السامري" الذي يعكس طبيعته. (لا يُمثِّل السامريّ يسوع، لكنّه بفعله يعكس روح يسوع).

في الختام، مرّ ثلاثة أشخاص في الطريق بإنسان وقع بين أيدي لصوص، فعرَّوْه وسلبوه وضربوه وتركوه بين حيّ وميت... ثمّ نظر اثنان منهم إليه وتعاملوا معه بما تأمرهم الشريعة. أمّا الثالث، وكان غريبًا عن أمَّتهم، فرَمَقه بحنان وتعامل معه بمحبّة... رفض الحواجز التي كانت تُفرّق بين الناس وتُصنِّفهم، وتغاضى عن نظرة الناس إليه ورِضاهم، ولم يتعامل معه كعدوّ بل كقريب له. فكان بتصرّفه هذا مثال تلميذ يسوع الحقيقي.

فالمحبّة إذًا عمل وليس كلام، وليس لها حدود، فالحبّ لا يدعنا نختار بين مَن نُحِبّ ومَن لا نُحِبّ. واتِّباع المسيح أمرٌ صعب، ولكن ليس في المسيحيّة بديل عن المحبّة!

فَلْنُصَلِّ، وَلْنَطْلُبْ من الربّ أن يضع في قلوبنا الحبّ الحقيقيّ.

يوم 4يوم 6

عن هذه الخطة

حب بجرأة

يتطلَّب النجاح في الحياة مواقف جريئة، فالجرأة تُؤَثِّر، وتُغَيّر، وتُحقِّق نتائج ملموسة في الحياة، إذ يكون الشخص الجريء على استعداد للقيام بأمور تنطوي على مخاطر. في هذه الرحلة سنتعلم سوياً كيف يمكن أن نعكس محبتنا وإيماننا بالمسيح بجرأة.

More

نود أن نشكر Resurrection Church على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: https://www.rcbeirut.org/