حب بجرأةعينة

حب بجرأة

يوم 7 من إجمالي 8

عِشْ جريئًا!

وإذا أردنا أن نُحدّد الجرأة، نقول إنّها الشَّجاعة، والإقدام، والجسارة. والشخص الجريء هو الذي لا يَخاف ولا يَفزع ولا يَجبُن. وبما أنَّ الله يُريد أن يكون الإنسان جريئًا وشجاعًا وناجحًا وغير خائف، إذ يقول العبد المتخاذل: "خِفْتُ فمضيْتُ وأخفيْتُ وزنتك في الأرض..."، لذا سأتحدَّث اليوم عن الجرأة في الكتاب المقدّس، فكلمة الربّ تُشجع المؤمن على أن يعيش جريئًا وشجاعًا. يقول في المزمور 27: 14 "ٱنْتَظِرِ ٱلرَّبَّ. لِيَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ، وَٱنْتَظِرِ ٱلرَّبَّ" (الله لا يريد أشخاصًا يتمايلون ويترنَّحون مثلَ السَّكارى)، وهي تُقَوّي المؤمن لِيَسلك بعكس التّيار، ويُواجه الظلم، دون أن يهاب من إعلان الحقّ واحتمال المشقّات، ويُجابه الشرّ والأشرار. فهل عندك الإرادة لتكون شجاعًا وجريئًا؟

- كان إبراهيم شجاعًا وجريئًا فترك أرضه وعشيرته وبيت أبيه وذهب إلى أرض كنعان (تكوين 12: 1).

- وكان موسى في البداية خائفًا مُتردِّدًا، ولكنَّه فهم رويدًا رويدًا أنَّ الربّ معه. فاستجمع جرأته، وجمع شعب الله وأخرجه من عبوديَّة مصر، وقال لهم: " 6 تَشَدَّدُوا وَتَشَجَّعُوا. لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْهَبُوا وُجُوهَهُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ سَائِرٌ مَعَكَ. لاَ يُهْمِلُكَ وَلاَ يَتْرُكُكَ. 7 فَدَعَا مُوسَى يَشُوعَ، وَقَالَ لَهُ أَمَامَ أَعْيُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ: "تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ، لأَنَّكَ أَنْتَ تَدْخُلُ مَعَ هذَا الشَّعْبِ الأَرْضَ الَّتِي أَقْسَمَ الرَّبُّ لآبَائِهِمْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا، وَأَنْتَ تَقْسِمُهَا لَهُمْ. 8 وَالرَّبُّ سَائِرٌ أَمَامَكَ. هُوَ يَكُونُ مَعَكَ. لاَ يُهْمِلُكَ وَلاَ يَتْرُكُكَ. لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ" (تثنية 31: 6- 8).

- كان الله يُعلِّم الشعب، بواسطة الأنبياء، أن يعيش شجاعًا وجريئًا: يقول في إشعياء 41: 10 "لَا تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لَا تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي"؛ "وإن سِرْتُ في وادي ظِلِّ الموتِ لا أَخافُ شَرًّا لِأَنَّكَ أنتَ معي". (الموتُ ظِلٌّ، لأنَّ نور القيامة يشعُّ خلفه).

- وعندما دعا الربّ إرميا، قال له: (1: 8) "لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ".

- وعندما دعا الله حزقيال 2: 2-6"2 فَقَالَ لِي: "يَا ابْنَ آدَمَ، قُمْ عَلَى قَدَمَيْكَ فَأَتَكَلَّمَ مَعَك." 3 فَدَخَلَ فِيَّ رُوحٌ لَمَّا تَكَلَّمَ مَعِي، وَأَقَامَنِي عَلَى قَدَمَيَّ فَسَمِعْتُ الْمُتَكَلِّمَ مَعِي. 4 وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَنَا مُرْسِلُكَ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِلَى أُمَّةٍ مُتَمَرِّدَةٍ قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَيَّ. [...] 6 أَمَّا أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَلاَ تَخَفْ مِنْهُمْ، وَمِنْ كَلاَمِهِمْ لاَ تَخَفْ، [...] مِنْ كَلاَمِهِمْ لاَ تَخَفْ وَمِنْ وُجُوهِهِمْ لاَ تَرْتَعِبْ...".

أمّا في العهد الجديد،

- فنرى جرأة يسوع في مواجهة الظلم والكتبة والفرّيسيّين، وفي إعلان كلمة الله عندما طد الباعة من الهيكل قائلًا "بَيْتي بَيْتَ الصَّلاةِ يُدْعى..."، ونحن نتعلَّم من المسيح "2 نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. 3 فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ" (عبرانيين 12: 2-3).

- وعندما هاجت الأمواج، أتى إليهم في الهزيع الرابع من الليل، ماشيًا على المياه، فظنَّ التلاميذ أنَّه خَيال، فاضطرب التلاميذ ومن الخوف صرخوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلًا: "تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا" (متّى 14: 27).

- وقال في يوحنا 16: 33 "... فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا (تشجّعوا) أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ".

وقد تشجّع التلاميذ وكلّ من تبع يسوع، وتصرّف كلٌّ منهم على طريقته:

- ونجد في مرقس 15: 43 أن "جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، مُشِيرٌ شَرِيفٌ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا مُنْتَظِرًا مَلَكُوتَ اللهِ، فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ".

- وقد نادى بولس الرسول بالإنجيل بكلّ جرأة. وعندما وقف أمام رؤساء اليهود والكهنة (أعمال 23)، كان جريئًا، وأوقعَ خلافًا بين الفرّيسيّين والصدّوقيّين حول قيامة يسوع، فحضر العسكر وأخذوا بولس. لكنَّ الربّ شجَّعه، "وَفِي اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ وَقَفَ بِهِ الرَّبُّ وَقَالَ: «ثِقْ يَا بُولُسُ! لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا" (أعمال 23: 11).

- ويتكلَّم سفر الرؤيا عن شجاعة الإيمان فيقول في رؤيا 21: 8 "أمّا الخائفون (الذين ليس لهم جُرأة الشهادة) وغير المؤمنين والرّجسون والقاتلون والزناة....فنصيبهم (الهلاك).

فنُلاحظ إذًا أنَّ الربّ يريد منّا أن تكون لنا الجرأة في العيش بموجب مشيئته، ومشاركة إيماننا... وعليه أطرح بعض النقاط للتفكير.

1. لماذا يجب أن أعيش جريئًا وأشارك إيماني؟

أ. لأنَّنا عرفنا حقيقة يسوع الذي افتدانا من الخطيئة وأعطانا الخلاص، وهي حقيقة لكلّ إنسان. واكتشفنا أنَّ يسوع هو الدواء الشافي والفعّال لمرض الخطيئة. وأنا أصبحتُ إنسانًا أفضل ممّا كنتُ عليه بسبب إيماني بيسوع، وأصبحت عائلتي مكانًا يُشِعّ سلامًا بسبب الإيمان بيسوع، وقد اختبرتُ شخصيًّا، أنَّ الحياة بموجب إرادة يسوع هي خير علاج لِمشاكل البشريَّة.

ب. لأنَّ المسيح كان جريئًا ومات عنّا: "فَإنَّهُ بِالجَهْدِ يَموتُ أَحَدٌ لأجلِ بارٍّ. رُبَّما لأجلِ الصّالحِ يَجسُرُ أحدٌ أيضًا أن يموت. لكنّ الله بَيَّنَ محبَّته لنا، لأنَّه ونحن بعد خطأة، ماتَ المسيحُ لأجلنا" (رومية 5: 7).

2. كيف أعيش جريئًا وأشارك إيماني؟

- يقول بولس في 1 كور 16: "13 اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالًا (الرجل هو الذي يتَّصِف بالجرأة والشجاعة ليحمي ويقود ذويه ومَن حوله) تَقَوَّوْا. ١٤ لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ".

الشجاعة تُعطيك الجرأة على مشاركة إيمانك. ولكن "لِتَصِرْ كلُّ أموركم في مَحَبَّةٍ"، لأنَّ الجرأة بالمعنى السلبيّ تتحوَّل إلى وقاحة (قلّة حياء) واحتقار (أستير 1: 18).

3. مع مَن أعيش جريئًا وأُشارِك إيماني؟

يُجيب بولس على السؤال، فيقول في رومية 15: "18 أَنِّي لاَ أَجْسُرُ أَنْ أَتَكَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَسِيحُ بِوَاسِطَتِي لأَجْلِ إِطَاعَةِ الأُمَمِ، بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، 19 بِقُوَّةِ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، بِقُوَّةِ رُوحِ اللهِ. حَتَّى إِنِّي مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى إِللِّيرِيكُونَ، قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ. 20 وَلكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصًا أَنْ أُبَشِّرَ هكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ، لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لآخَرَ. 21 بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: "الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُونَ".

لذا، علينا نحن أن،

أ- نبحث عن الخطأة البعيدين (الضالّين)، ونشهد لهم بالكرازة والمثل الصالح.

ب- نبحث عن الظالمين والفاسدين، ونشهد لهم لِيَتعرَّفوا على يسوع، ويختبروه، ويُغيّروا سلوكهم الشرير، ويعودوا إلى الصواب والإيمان فيُصبحوا أتقياء ومنصفين.

ج- نبحث عن المعذّبين (المعنّفين جسديًّا ونفسيًّا) ونشهد لهم ليصبحوا روّادًا في تحرير المعذّبين.

د- نبحث عن المتألّمين ونشهد لهم، لِيُخبِروا ويشهدوا لِلتغيّير الذي أحدثه المسيح في حياتهم.

ه- ندعوهم إلى الكنيسة، لكي يتعرّفوا إلى المسيح وعائلته، فالكنيسة هي بيت الله، وهي "العائلة".

هناك إحصائيّات مُخيفة عن عدد الأشخاص الذين يتركون ديانتهم، مَشْدودين إلى النّجاح بعيدًا عن الله، مبهورين بالخرافات القديمة، أو أعمى المال أو الشرّ أو اليأس أو الفساد الماليّ والاجتماعيّ بصيرتهم، فصاروا غير متصالحين مع الله ومع أنفسهم... أعتبر أنَّ هؤلاء ابتلعهم الشيطان! فإذا كانتْ كنيسة نائمة، أو حصل تقصير من بعض الرُّعاة، فهل نقف مُتفرّجين؟ أو هل نخاف؟ إذا شرد أحد أفراد رعيّتي ابتلعه الشيطان، فأنقذَتْه كنيسة أخرى، أعتبر ذلك ربحًا للمسيح!

4. هل يمكن أن أعيش جريئًا؟

* الجرأة موجودة في قلب كلّ إنسان، حتّى ولو كانت لديه شكوك. وتوما كان لديه شَكّ، ولكنَّه نابع من الإيمان، وليس رافضًا له، وقد تحوّل هذا الشك إلى جرأة البحث وطلب المسيح. فكان لدى كلّ رجالات الله تحدّيات، رغم أنَّهم كانوا يعرفون قول الرب لبولس: "تكفيك نعمتي لأنّ قوَّتي في الضعف تُكمل". فتشدَّدْ وتشجَّع وامضِ إلى الأمام.

* أقدر أن أعيش جريئًا مع جماعتي، فأنا لست وحيدًا.

يُحكى عن قائد كبير في أيام حكم ستالين كان يعارض قرارات ستالين وظلمه للناس، اسمه نيكيتا خروتشيف. وبينما كان ذات مرة، في اجتماع عام ضخم، يلوم ستالين على تصرّفاته، قاطعه أحد الحاضرين صارخًا: "كنتَ أحد زملاء ستالين. فلماذا لم تمنعه؟" فصرخ خروتشوف سائلًا"من قال هذا؟" فساد صمت مطبق، إذ لم يجرؤ أحد في الغرفة على رفع يده خوفًا. فأجاب خروتشوف بهدوء، "الآن أنت تعرف السبب".

* أقدر أن أعيش جريئًا لأنَّ المسيح انتصر.

يُحكى عن رجل كان يُفاخِر بنفسه وبشجاعته، ويتبجَّح بأنَّه قطع ذيل أسد مفترس ضخم بِسكّينٍ كان في جيبه. فسأله السامعون "ولماذا لم تقطع رأس الأسد؟"، فأجاب: "سبقني أحدهم، وقطع رأسه قبلي".

5. كيف نتصرّف عمليًّا ؟

بمعنًى آخر، كيف نصبح كنيسة ثقافتها الكرازة؟

بما أنّنا تعاهدنا جميعًا بالمعمودِيَّة على اتّباع المسيح لِيُصبِح ثقافتنا وهِدايتنا إلى كلّ عمل صالح، علينا من حين إلى آخر تجديد عهودنا وعزائمنا تجاه الربّ، لِمتابعة الطريق التي اخترناها.

وعلينا أن نسعى إلى تقريب المسافة بيننا وبين الآخرين (خصوصًا الذين هم بحاجة غلى التقرّب منهم)، من خلال إيجاد وسيلة جذاب للأحداث: في مركز رياضي أو نادي، أو تجمّع كشفي... يلتقون فيه بأصدقائهم، أو بإقامة نشاطات اجتماعيّة تجمع العائلات والأفراد، لتسهيل الاختلاط الاجتماعي.

ومن هنا، نرى ضرورة تأليف فريق عمل يبحث في هذا الأمر بعمق، لإيجاد السبل الآيلة للنجاح، وإحياء شعلة العيش بجرأة وشجاعة، لنستطيع التأثير بمثلنا في مَن هم حولنا.

فَلْنُصَلِّ على هذه النيّة.

يوم 6يوم 8

عن هذه الخطة

حب بجرأة

يتطلَّب النجاح في الحياة مواقف جريئة، فالجرأة تُؤَثِّر، وتُغَيّر، وتُحقِّق نتائج ملموسة في الحياة، إذ يكون الشخص الجريء على استعداد للقيام بأمور تنطوي على مخاطر. في هذه الرحلة سنتعلم سوياً كيف يمكن أن نعكس محبتنا وإيماننا بالمسيح بجرأة.

More

نود أن نشكر Resurrection Church على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: https://www.rcbeirut.org/