حب بجرأةعينة
القيامة الجريئة
جميعنا يعلم أن لا وجود للقيامة من دون الصليب. فالذي حمل الصليب، وطُعن بالحربة، وتسمّر على الخشبة، ووُضع على رأسه إكليل الشوك، هو الذي قام ظافرًا. وعنه قال الملاك للنسوة اللواتي أتَيْنَ إلى القبر مطلع الأسبوع: "لماذا تطلُبْنَ الحيَّ بين الأموات، ليس هو ها هنا، لقد قام كما قال". وعنه قال بطرس لجموع اليهود المندهشين لِشفاء الرجل الأعرج: "رئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهودٌ لذلك" (أع 3: 15). فموت المسيح وقيامتُه حدثٌ فريدٌ في التاريخ، وله فوائد عظيمة لحياتنا.
يُروى عن أشخاص كثيرين في العالم أنّهم وَرِثوا الملايين ولكنّهم عاشوا فقراء، لأنه لم يكن هناك من يخبرهم عن الميراث الذي يعود إليهم. لذلك أُريد أن ألفتَ نظرك إلى نِعَم القيامة، لِتَستفيد من موت المسيح وقيامته، وتعرف ما صنع يسوع لأجلك، فتعيش حياةً منتصرة. فلا تُفَوِّت هذه الفرصة اليوم.
سأتناول في حديثي اليوم أربع نقاط تدلُّك إلى ما صنع يسوع لأجلك:
1. بِمَوْت يسوع المسيح وقيامته نِلْنا غفرانًا كاملًا!
يقول بولس في رسالته إلى كولوسي 2: 13 "وَإِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فِي الْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أَحْيَاكُمْ مَعَهُ، مُسَامِحًا لَكُمْ بِجَمِيعِ الْخَطَايَا، 14 إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِالصَّلِيبِ، 15 إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ".
لقد محا المسيح بموته وقيامته، الصكّ الذي كان علينا. هذا الصكّ هو شهادة دَيْنٍ مُلِزمة. يتضمَّن حقائق وأفعالًا تشهد ضدّنا، وتجلِب العار علينا، تُظهر ذنوبنا (أفكارنا ومشاعرنا ومواقفنا وأفعالنا الشريرة تجاه الله، تاريخنا الناكر الجميل). وَبَدل أن يفضحنا الربّ، كما فعلت الشريعة سابقًا، محا الصكّ الذي كان مكتوبًا علينا. ومسح تاريخَنا المناهِض له (كما نمسح المعلومات من هاتفنا المحمول). وسدَّد الدَّيْنَ الذي كان علينا (كما لو أنَّني استَدَنْتُ من المصرف مبلغًا بقيمة 200000 $ لشراء بيت. والتزمتُ بِرَدِّه على دفعات في الأوّل من كلِّ شهر. وإذا تَخلَّفْتُ عن الدَّفع، شهرًا بعد شهر، أخسر البيت. فأتى شخص، ودفع كامل القيمة المتوجِّبة عليّ دفعة واحدةً! بدافعٍ من نعمته ومحبته، ومن غير أن أطلب منه ذلك، أو أتوسَّل إليه). كان علينا دَيْنٌ، وأجرة هذا الدَّيْن هي الموت، لا خسارة بيتنا الأرضي فقط، إنّما خسارة الملكوت السماويّ أيضًا، أي خسارة حياتنا وانفصالنا عن الله. فأتى يسوع وغفر خطايانا بموته وقيامته، ومحا الصكّ الذي يُدينُنا بالهلاك حتى لا نخسَر حياتَنا، وصالحَنا مع الله.
يقول بولس: "الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" (كو 1: 14). أي أنقذنا من السجن الذي كان يُقيّدُنا، ودفع حياته فديةً لنا (كما لو كنتَ ارتكبتَ أنت جُرمًا كبيرًا، وحُكِم عليك بالسجن كلّ العمر. فأتى شخص يُحِبُّك وحمل كلّ العقوبة عنك، قائلًا: "أعطني السكين الذي قتلْتَ به، والثوب الملطَّخ بالدماء، وأنا أقضي فترة السجن بدلًا منك!) فـ"الذي لم يفعل خطيئة صار خطيئة لأجلنا، لنصير نحن بِرَّ الله فيه. الذي أُسلِم من أجل خطايانا وأُقيمَ لأجل تبريرنا (رومية 4: 25). أي تَبرَّرْتَ من جُرْمِك، وأصبحْتَ بارًّا. وما أجمل أن تعيش الحياة من غير أن تحمل ذَنْبًا، أو تكون مُطارَدًا كلّ العمر، وتشعر بِعارِ ما فعلت. فتعالَ إذًا إلى يسوع!
2. محا الصكَّ وقد رفعه مُسمِّرًا إيّاه بالصليب.
كانوا في الماضي يصلبون الشخص، ويضعون فوق رأسه عِلَّةَ موته. لكنّ يسوع عُلِّقَ مكانك. وحمل عنك القصاص. ولا يُبطَل مفعولُ صكّ الدينونة إلّا بعد أن يُدان الشخص. فأتى يسوع، وبَذَل نفسه فِداءً عنك...
تعرَّفْتُ على أُمّ أعطت جزءًا كبيرًا من كبدها لابنها. فعاش الولد وعاشت هي... وعاد كبدها ونَما من جديد. إخوتي لم يعطنا يسوع جزءًا من كبده، إنّما أعطانا قلبه حياةً لنا، وزرع قلبه مكان قلوبنا. فالقلب النابض فينا هو قلب يسوع. "فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في" (غلا 2: 20). فهل فَكَّرْتَ إن كان أحد في الوجود أعظم من يسوع، خليق بأن تُعطيَه حياتك؟ يسوع يريد قلبك اليوم، لِيُعطيَك قلبًا جديدًا. أَلَمْ تَتْعبْ من العيش من دونِ المسيح؟ فاسْتَفِدْ من غفرانه، وأعطِهِ قلبك، لقد مات هو وقام من أجلك!
3. أعطانا الشفاء الداخلي
1 بطر 2: 24 "الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ. 25 لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ، لكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ إلى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا". يقول بطرس: "حمل هو نفسُه خطايانا"، فـ "رجعتم الآن إلى راعي نفوسكم". يعني أنَّه أعطاكم الشفاء من الضلال، ومن قوّة الخطيئة، والعصيان، أي أنّ المسيح خلّصنا من عقاب الخطيئة وسلطانها علينا، وشفانا من ضعفنا تجاه الخطيئة.
نعم، كلُّنا يحتاج إلى الشفاء. ليس فقط جسديًّا بل أيضًا روحيًّا، وذهنيًّا ونفسيًّا. كم من مرّة يكون سبب المرضِ الجسديّ، جرحًا داخلِيًّا؟ إخوتي، لقد دخل المرض عالمنا بِكلّ مستوياته، بسبب تمرّد الإنسان وكبريائه، إذ كسر الإنسان نظام الله وسقط سقوطًا عظيمًا، فأَعْطَبَ كلَّ شيء فينا (الاقتصاد، بسبب عدم شبع الإنسان؛ علاقاتنا، بسبب شهوة الإنسان؛ أصبحت قلوبنا مكسورة، وأجسادنا مريضة، وعواطفنا مريضة...) فأتى المسيح إلى هذا العالم المعطوب بسببنا، وقام من بين الأموات لِيُجدِّد هذا العالم، ويُعطيَنا الحياة ومِلأها على هذه الأرض، وبعد الممات أجسادًا جديدةً مُمَجَّدةً. فقيامة المسيح إذًا، تُعطينا رجاءً أبديًّا. يقول بولس: "فإن سيرتنا نحن هي في السماوات، التي مِنها أيضًا ننتظر مُخلّصًا هو الربّ يسوع المسيح، الذي سيُغيّر شكل جسد تواضُعِنا ليكون على صورة جسد مجدِه، بحسب عمل استطاعتِه أن يُخضِع لِنفسه كلّ شيء" (فيلبي 3: 21).
فإلى أيّ شفاء أنت بحاجة؟ إلى شفاء روحيّ من ذكريات ماضية تأكلُك؟ إلى شفاء ماديّ (عليك ديون!)؟ إلى شفاء من علاقاتك (غضب، مرارة، حقد...)؟ إلى شفاء ذهنيّ (أفكار تخيفك في الليل، تخاف أن تخرج من البيت، خوف من الموت)؟ لا تَدَعِ المخاوف تتراكم في ذهنك، بل تشجَّعْ وتعال اطلُبْ منه الشفاء، فهو يشفيك نفسيًّا وجسديًّا وروحيًّا وذهنيًّا. وربّما أفضل علاج هو أن تشكره أحيانًا، أو تسامح، فإنَّك عندما لا تُسامح لا تؤذي غيرك فقط، بل تؤذي نفسك أيضًا. واعلمْ أنَّ المرارة والحقد يؤثّران في الناس، كمن يشرب السمّ، وينتظر الآخر أن يموت.
4. يسوع لديه القوّة المُحرِّرَة، وأنت تحتاج إلى أن تكون في تواصل معه لتنال منه القوّة.
إنّ قوّة القيامة التي أقامت يسوع المسيح من بين الأموات، هي نفسها تعمل فينا لنعيش حياة الحرّية في قيامة المسيح. ففي القيامة نتذكَّر أنَّ الظلام لا يغلب النور، بل على العكس، هو النور الذي يغلب الظلام؛ وأنّ الحياة تولَد من وسط الموت، أي أنَّ الحياة تَغلِب عندما يكون هناك كباش بين الحياة والموت.
يُصلّي بولس للمؤمنين ويقول لهم أصلّي: كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أن تدركوا: أفسس 1: 19 "مَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ، 20 الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، 21 فَوْقَ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ، وَكُلِّ اسْمٍ يُسَمَّى لَيْسَ فِي هذَا الدَّهْرِ فَقَطْ بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا، 22 وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ، 23 الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ".
ويقول لنا في 1 كور 6: 14 "وَاللهُ قَدْ أَقَامَ الرَّبَّ، وَسَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِقُوَّتِهِ".
كما يقول في 2 كور 5: 14 "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. 15 وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ".
لكي تختبر قوّة القيامة، يجب أن تكون في اتّصال وعلاقة معه. فإنَّك لن تستطيع أن تعيش حياة ذات معنى، وتعيش حياة مؤثِّرة، وتعيش غاية وجودك ما لم تتَّصِلْ به. (شاشة الحاسوب (الكومبيوتر) لا حياة فيها ولا قوة لها، من دون الاتّصال بالكهرباء. وعندما تتَّصل بشبكة الكهرباء تدُبّ فيها الحياة). وأنت لن تعيش ملء الحياة والقيامة في حياتك ما لم تتَّصل وتتَّحد به.
في كلّ ظروف الحياة أنتَ تحتاج إلى قيامة! وكثيرة هي الأمور التي تحتاج إلى قيامة في حياتك (وظيفة، زواج...). ولا يقدر الإنسان بقوَّته الذاتيّة أن يُقيم ما مات في نفسه، ولا يقدر أن يُقيم ما مات عند الآخرين.
قد تكون هناك أمور ماتت في حياتنا منذ سنين (الانتصار على الخطيئة، على الأوجاع)، وربّما أصبحت الخطايا الماضية مثل السلاسل حولنا، ولا مَن يقطعها سوى الذي قطع الموت. لكن لا تفشل في عمل الخير ولا تستسلم. بل تذكَّرْ أنَّ المسيح قام، وأنَّك بحاجة إلى هذه القوّة منه، لِتعرف الغاية والهدف من حياتك. فأنت لست هنا بالصدفة، فالربّ يُريدك من قبل أن تولَد، وهو عارف بأنّك ستكون يومًا في هذا المكان، وستسمع صوته...
في الختام،
أدعوك أن تضع إيمانك وثقتك بيسوع. فإنَّ عنادك وتمرُّدك وتذمّرك لن تُساعدك.
إلْجَأْ إلى الإيمان والثقة بالربّ، لِيُحرِّك قلبه نحوك. ولا تتَّكِلْ على المال، والصحة، والقوة، والمركز، والجمال... فهذه كلّها آيلة في أيّ لحظة إلى الزوال، ولن يبقى أحد إلّا الله.
كلُّنا سيتوقف قلبُنا عن الخفقان في يوم من الأيام ونموت. لكنّنا سنقوم مع المسيح إلى حياة خالدة. فهل أنت مستعدّ لتبقى على صلة بالمسيح؟ وهل تريد القوّة المُحرِّرة؟
إحْنِ رأسك وصَلِّ.
الكلمة
عن هذه الخطة
يتطلَّب النجاح في الحياة مواقف جريئة، فالجرأة تُؤَثِّر، وتُغَيّر، وتُحقِّق نتائج ملموسة في الحياة، إذ يكون الشخص الجريء على استعداد للقيام بأمور تنطوي على مخاطر. في هذه الرحلة سنتعلم سوياً كيف يمكن أن نعكس محبتنا وإيماننا بالمسيح بجرأة.
More
نود أن نشكر Resurrection Church على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: https://www.rcbeirut.org/