قصص الأنبياء - التّكوين 11

11
برج بابل
1وكان أهل الأرضِ يتكلمون لغة واحدة ويتواصلون فيما بينهم بها. 2ولمّا رحلوا من المشرق وجدوا سهلا في بلاد بابل، فأقاموا هناك. 3وقال بعضهم لبعض: "تعالوا نصنع طوبًا ونجفّفه بالنار". فاستخدموا الطّوب بدل الحجارة، وألصقوها بعضها ببعض بالقار بدل الطّين. 4وقالوا: "تعالَوا نَبنِ لنا مدينة وبرجًا تبلغ قمّته إلَى السّماء.#11‏.4 صمم أهل بابل المعبد على شكل هرم يحتوي على مدارج اعتقادا منها أن بإمكانهم تسهيل نزول آلهتهم إلى الأرض. وهذا الاعتقاد يختلف تماما عن تعامل الله مع البشر، إذ يتجلّى الله برحمته للبشر ولا ينتظر منهم تسهيل حلوله بينهم. انظر مثلا قصّة ظهور الملائكة إلى النبي يعقوب، سفر التكوين الفصل 32. فنرفع شأننا بين الناس فلا نتشتَّتُ على وجه الأرض كلّها".#11‏.4 لقد بارك الله الإنسان وأمره أن يكثر ويملأ الأرض. ولم تكن غاية الله تفريق الناس وتشتيتهم، لكنهم اجتمعوا حول الشر وأرادوا تحدي الله ببناء برج يصل إلى عرش السماء، فكان اجتماعهم من أجل الشر والسوء لذلك بددهم الله. وكان هاجس الإنسان دائما صنع اسم له يرفع مقامه، والله لم يعارض هذه الرغبة بل اعتبرها مشروعة بطرق معينة كالنسل مثلا، لكن هذه الرغبة قد تقود الإنسان إلى الشر.
5وبينما كان بنو آدم يبنون المدينة والبرج تجلّى الله 6فقال: "إنّهم شعب واحد، ويتكلّمون لغة واحدة! وما فعلوه ليس إلاّ بداية، ولن يصعب عليهم أمر ينوون فعله! 7سأتجلّى هناك وسأبلبل ألسنتهم، حتّى لا يفهم بعضهم لغة بعض". 8وهكذا شتَّتهم الله على وجه الأرضِ كلّها، فكفّوا عن بناء المدينة. 9ولهذا سُميت بابل، لأنّ الله بلبل ألسنة النّاس جميعًا في هذا المكان، وشتَّتهم على وجه الأرض كلّها.
ذرّيّة سام
10هذه ذرية أبناء سام: بعد الطوفان بسنتين، وعندما كان عمر سام مئةَ سنة أنجب أَرْفَكْشادَ. 11وأنجب بعد ذلك غيره من البنين والبنات وتوفّي عندما بلغ ست مئة سنة. 12وأنجب أَرْفَكْشادُ شالَحَ عندما كان عمره خمسًا وثلاثين سنة. 13ثمّ أنجب بعد ذلك غيره من البنين والبنات وتوفي عندما بلغ أربع مئة وثماني وثلاثين سنة. 14وعندما كان عمر شالَحَ ثلاثين سنة أنجب عابِرَ. 15ثمّ أنجب بعد ذلك غيره من البنين والبنات وتوفّي عندما بلغ أربع مئة وثلاث وثلاثين سنة. 16وعندما كان عمر عابِرَ أربع وثلاثين سنة أنجب فَالَقَ. 17ثمّ أنجب بعد ذلك غيره من البنين والبنات وتوفّي عندما بلغ أربع مئة وأربع وستين سنة. 18وعندما كان عمر فَالَق ثلاثين سنة أنجب رَعُوَ. 19ثمّ أنجب بعد ذلك غيره من البنين والبنات وتوفّي عندما بلغ مئتين وتسع وثلاثين سنة. 20وعندما كان عمر رَعُوَ اثنتين وثلاثين سنة أنجب سَرُوجَ. 21ثمّ أنجب بعد ذلك غيره من البنين والبنات وتوفّي عندما بلغ مئتين وتسع وثلاثين سنة. 22وعندما كان عمر سَروج ثلاثين سنة أنجب ناحور. 23وبعد ذلك أنجب غيره من البنين والبنات وتوفّي عندما بلغ مئتين وثلاثين سنة. 24وعندما كان عمر ناحورَ تسعًا وعشرين سنة أنجب تارَحَ. 25ثمّ أنجب بعد ذلك غيره من البنين والبنات وتوفّي عندما بلغ مئة وثماني وأربعين سنة. 26وبعدما بلغ تارَحُ سبعين سنة أنجب أبرام (أي إبراهيم عليه السلام)#11‏.26 إبراهيم هو اسم لأبرام وسيغيره الله لاحقا ليصبح إبراهيم (عليه السّلام). لكننا سنعتمد اسم إبراهيم في هذا النص من هنا فصاعدا لأن هذا الاسم هو المتداول بين الناس. وأبرام يعني "الأب رفيع المقام" بينما إبراهيم يعني "أب لكثيرين". وناحور وهاران.
بسم الله تبارك وتعالى
قصّة إبراهيم وإسماعيل وإسحق (عليهم السلام)
—•—
مدخل إلى قصّة إبراهيم وإسماعيل وإسحق (عليهم السلام)
يُعتبر النبي إبراهيم (عليه السلام) شخصا رئيسيا في الديانات السماوية، ويطلق عليه اليهود "أبانا إبراهيم"، بينما يسميه المسيحيون "أبانا في الإيمان" (انظر الإنجيل، روما 4: 16‏-17) ويقول المسلمون إنّ الإسلام هو ملّة إبراهيم. ويُعتبر النبي إبراهيم قدوة للمؤمنين في أخلاقه وإيمانه وأعماله. وحظي (عليه السلام) بصلة قريبة بالله على أساس ثقته به تعالى كما جاء في التوراة: ((آمن إبراهيم بوعد الله فحسبه تعالى مرضيا)) [التوراة، التكوين 15: 6]. وبناء على هذه الصّلة القريبة الحميمة يُدعى النبي إبراهيم "خليل الله" (انظر كتاب النبي أشعيا 41: 8 وكتاب أخبار الأيام الثاني 20: 7 وسورة النساء: 125).
وما يميّز النبي إبراهيم تشفّعه مع الله من أجل مدينتي سَدوم وعَمورة الشرّيرتين، بسبب وجود بعض الصّالحين فيهما وتحديدا ابن أخيه لوط (انظر التكوين 18: من 16 إلى 33، وسورة هود: 74).
وجاء في التوراة موضوع هام يتعلّق بمنح الله وعده للنبي إبراهيم بأن يباركه وذرّيته وأن يقيم ميثاقه معه، ولن تنحصر هذه البركة في إبراهيم وآل إبراهيم فقط، بل اختار الله ذرّيَّته لتكون وسيلة بركات الله لجميع الأمم (انظر التوراة، سفر التكوين 12: 1‏-3). وتتحقّق هذه البركات بشكل نهائي من خلال السيّد المسيح. ويمكننا الحصول على حلول روح الله فينا حسب وعده تعالى ومن خلاله (سلامُهُ علينا) (انظر الإنجيل، غلاطية 3: 14).
ويبرز وعد الله بخصوص الأرض للنبي إبراهيم وذرّيته في نص التوراة، ولكن الأرض لم تكن إلاّ وسيلة يفيض الله من خلالها بركاته على النّبي إبراهيم، ومن خلاله إلى العالمين. ولكن مع الأسف ركّز بنو يعقوب مع مرور الزمن على استيلائهم على الأرض، ولم يفهموا أنّ مقاصد الله هي أسمى من استيلائهم على قطعة أرض، فعاتب اسطفان وهو أوّل شهيد من صفوف أتباع السيّد المسيح أبناء شعبه اليهود لقصر نظرهم، إذ لم يتبصّروا أنّ الله هو رب كل البلاد وجميع الشعوب (انظر خطبته الواردة في سيرة الحواريين الفصل السابع).
وجاءت ولادة إسماعيل (عليه السلام) كما يلي: لم تستطع سارة أن تنجب أولادا فأصرّت على إبراهيم طالبة منه أن يتّخذ هاجرا أمّا لأولاده بدلا منها. وحسب القوانين في ذلك العصر، كان من حقّ الزوجة العاقر أن تحصل على ذرّية من خلال جاريتها. وتؤكد بعض الكتابات المنقوشة الموجودة في بلاد الشرق الأدنى هذه العادة على امتداد 2000 سنة قبل الميلاد. فالله لم يؤاخذ إبراهيم وسارة على هذا الفعل، بل أنعم على هاجر وإسماعيل فضلا كبيرا، وحظي إسماعيل بكونه الولد الأوّل في الكتب السماوية الذي سمّاه الله قبل ولادته (التكوين 16: 11)، بينما كانت هاجر المرأة الوحيدة في الكتاب المقدس التي حصلت على وعد الله بتزايد ذرّيتها (التكوين 16: 10)، وهي الوحيدة التي ألقت اسما على الله فقالت إنّه "الله البصير".
وعندما بلغ إسماعيل الثالثة عشر من عمره، اكتشف إبراهيم أنّ وعد الله في الميثاق سيتحقّق من خلال سارة. وكانت ولادة إسماعيل (عليه السلام) وسيلة حلول بركات الله على هاجر وذرّيتها، مع أنّ ولادته لم تؤد إلى تحقيق وعود الميثاق الموجّهة إلى إبراهيم. ورغم ظروف هاجر العويصة حصلت على عناية إلهية خاصّة وعلى وعود من الله بأنّه سيباركها وذرّيتها كثيرا.
وتذكر التوراة أنّ الله أمر النبي إبراهيم بتقديم ابنه إسحق ذبيحا، وورد هذا الحدث المشهور في القرآن دون ذكر الابن الذي قدّمه (سورة الصافات، الآيات 100‏-111). واختلف الباحثون والمفسّرون المسلمون بخصوص هويّة الابن الذي قدّمه النّبي إبراهيم. ويقول اليعقوبي في تاريخه: "أمره الله أن يذبح ابنه، فالرّواية تختلف في إسماعيل وإسحق، فيقول قوم إنه إسماعيل لأنّه الذي وضع داره وبيته وإسحق بالشام، ويقول قوم إنّه إسحق لأنّه أخرج أمّه معه وكان يومئذ غلاما وإسماعيل رجل قد وُلد له".
ونستطيع أن نرى إحسان الله الموجّه إلى كل من إسماعيل وإسحق، إذ أصبح إسماعيل أبا لاثني عشر ولدا، كذلك شأن إسحق الذي صار أيضا أبا لاثني عشر ولدا عن طريق ابنه يعقوب. وصار أبناء يعقوب الآباء الأوّلين للأسباط، أي عشائر بني يعقوب الاثني عشر.
—•—
نسب النبي إبراهيم (عليه السّلام)
27وهذه ذرية أبناء تارَح: أنجب تارَحُ أبْرام (إبراهيم عليه السلام) وناحور وهاران. وأنجب هارانُ لوطًا (عليه السّلام). 28وتوفّي هاران قبل أبيه تارح في أرض ميلاده في أُور الكَلدانيّين في بلاد الرافدين. 29وتزوّج كلٌّ من إبراهيم وناحور. وكان اسم زوجة إبراهيم سارة واسم زوجة ناحور مِلْكة بنت هاران، وأختها يِسْكة. 30وكانت سارة عاقرًا لا تقدر على الإنجاب.
31وأخذ تارح#11‏.31 ذُكر تارح في القرآن الكريم باسم آزر (انطر الأنعام: 74). إبراهيم وسارة وحفيده لوطًا بن هاران، وخرجوا معًا من أور الكَلدانيّين وتوجّهوا إلى بلاد كنعان. لكنّهم عندما وصلوا إلَى حاران، استقرّوا فيها. 32وتوفّي تارح هناك لمّا كان عمره مئتين وخمس سنين.

تمييز النص

شارك

نسخ

None

هل تريد حفظ أبرز أعمالك على جميع أجهزتك؟ قم بالتسجيل أو تسجيل الدخول