قصص الأنبياء - التّكوين 3

3
كيف عصى آدم ربّه
1وكانت الحيّة أشدّ الحيوانات الّتي خلقها الله مكرًا، وفي أحد الأيّام تكلّم الشّيطان على لسان الحيّة فقالت لحوّاء: "هل نهاكما الله حقًّا من أن تأكلا من شجر الجنّة؟" 2فردّت عليها حوّاء: "كلاّ، إنّا قادران أن نأكل من كلّ أنواع شجرها هنا، 3إلاّ الشّجرة الّتي تتوسّط الجنّة فقد نهانا الله عن ثمارها وأمرنا قائلا: "إيّاكما أن تـأكلا من ثمرها، بل لا تلمساها، إنّكما إن فعلتما ذلك تصبحان من الهالكين". 4فقالت الحيّة: "لن تهلكا! 5إنّ الله عليمٌ أنّكما حين تأكلان من ثمر الشّجرة تنفتح بصيرتكما وتصبحان ذا نفوذ تميّزان الخير من الشرّ". 6وصدّقت حوّاء كلام الحيّة، وعندما نظرت إلى الشّجرة ورأت أنّ ثمرها طيب المذاق شهي المنظر، وأرادت من أكله الحكمة، فقطفت ثمرا وأكلت منه، وأعطت زوجها فأكل بدوره.#3‏.6 انظر سورة طه: 121. 7وما إن أكلا حتّى تفتّحت بصيرتهما وعلما أنّهما عريانان فغطّيا نفسيهما بورق التّين.#3‏.7 انظر سورة الأعراف: 22. 8وهبّت رياح عاتية، وسمعا وَقْعَ صوت الله في الجنّة#3‏.8 يذكر الباحث جيفري نيهاوس أنّ الكلمات التوراتية التي تُرجمت غالبا بـ"ريح النهار" تعنى "رياح العاصفة" على مثال المعنى في اللغة الأكدية القديمة. وبما أنّ الله اختار أن يتجلّى وسط العاصفة في كثير من الأوقات، فمن المستحسن ألاّ نفهم النص العبري هنا بأنّ آدم وحواء سمعا "صوت الله وهو يتمشّى" بل سمعا "وقع" أو "صدى" صوت الله. فقاما مسرعين وحاولا الاختباء بين الأشجار. 9فنادى العليم القدير آدم (عليه السّلام): "يا آدم، أتختبئ منّي؟" 10فأجاب آدم: "إنّي، يا ربّ، سمعتُ صوتك في الجنّة فخفتُ واختبأتُ لأنّي عريان". 11وقال الله العليم البصير: "ألا تخبرني كيف عرفت أنّك عريان؟ هل أكلت من الشّجرة التي نهيتك عنها؟"#3‏.11 كان الله عليما أن آدم أكل من الشجرة، ورغم ذلك سأله تعالى توبيخا له. ونجد هذا المعنى أيضا في سورة طه، الآية 17، حين يسأل الله النبي موسى عما يكون في يمينه، وطبعا لا يحتاج الله هنا أيضا إلى توضيح من النبي موسى. 12فأجاب آدم (عليه السّلام): "كلاّ إنّما حوّاء المرأة التي خلقتها لي، أطعمتني من فاكهة الشّجرة، فأكلتُ". 13وسأل الله حوّاء: "ماذا فعلتِ؟" فردّت حوّاء: "إنّها الحيّة! خدعتني وجعلتني آكل من الشّجرة!" 14فقال الله سبحانه وتعالى للحيّة:
"من أجل ما فعلتي،
أنت ملعونة من بين كلّ الكائنات،
على بطنك تزحفين ومن التّراب طول حياتك تأكلين
15وأقيم عداوة بينك وبين المرأة
وبين نسلها وفصيلتك
هو يسحق رأسك
وأنتِ عقبه تلدغين".
16ثم قال الله لحوّاء: "لأنّك فعلتي ما طلبَت منك الحيّة وما أطعتي كلامي،
فليكوننّ حملك ألمًا شديدًا
ولتلقينّ حين تلدين جهدًا جهيدًا
ولتكوننّ رغبتك في التحكّم في زوجك عظيمة،
ولكنّه هو الّذي يتحكّم فيك".#3‏.16 بعد مجيء السيد المسيح، قال الحواريون للمتزوّجين ألاّ يسعوا إلى تسلّط أحدهما على الآخر، بل عليهما احترام مكانة بعضهما بعض، ولذلك لا يتقيّد أتباع السيد المسيح بما جاء في هذه الكلمات.
17وقال الله لآدم (عليه السّلام):
وأنت يا آدم ما كان لك أن تعصي وصيّتي،
ولكنّك اتّبعت كلام زوجتك وأكلت من الشّجرة الّتي نهيتك عنها.
وبسببك تحلّ على الأرض لعنةٌ
وبجهد جهيد لتأكلنّ طعامك من الأرض طول حياتك،
18فإنّها لن تنتج لك ثمارا فقط
بل ستنبت لك الأشواك أيضًا.
19وستأكل من تعبك وعرق جبينك
إلى أن تعود إلى أديم الأرض الذي منه خُلقت،
لأنك من تراب وإلى التّراب تعود".
20وسمّى آدم زوجته حوّاء لأنّها أمّ كلّ حيّ من البشر.
21واتّخذ الله لآدم وحوّاء ثوبين من جلد ليسترهما.#3‏.21 انظر سورة الأعراف، الآية 26. 22وكان الله عليما أنّ الإنسان صار مثله يعرِفُ الخير والشرّ، فقال: "إيّاه الآن أن يقترب من شجرة الخلد أيضًا، إنّه إن يأكل منها يحيى إلى الأبد".
23لذلك أخرجهما الله من الجنّة الخصبة، وأرسل آدم (عليه السّلام) إلى الأرض التي خُلق منها ليزرعها. 24وبعد أن أخرجهما الله من الجنّة، أقام سبحانه وتعالى على الطّريق المؤدّية إلى شجرة الخلد عددا من الملائكة المقرّبين#3‏.24 ويُعرف هؤلاء الملائكة في ترجمات أخرى بـ"كروبيم" وهم مجموعة من الملائكة حملة العرش. ومعهم سيف يشتعل نارًا ينتقل من جهة إلى أخرى ليحرسوها.

تمييز النص

شارك

نسخ

None

هل تريد حفظ أبرز أعمالك على جميع أجهزتك؟ قم بالتسجيل أو تسجيل الدخول