أسفار موسى الخمسةعينة
اليوم 31: المواضيع الرئيسية (مشرِّع العهدِ، الخروج 19: 1-24: 11)
يركز خروج 19: 1-24: 11 على سلطةِ موسى وشريعةِ العهدِ مع إسرائيل. في الشرق الأدنى القديم، اعتقدَ الناسُ أنّ الملوكَ البشريّين والسماويّين أعلنوا عن حكمتهم من خلالِ الشرائعِ التي وضعوها. فلم يكن أمراً غريباً بالنسبة لقُراء سِفر الخروج الأصليين أن يكونَ اللهُ ملكهم مشرِّعُ العهد. لكن حتى نُدرك كيف شدّدَ موسى على هذا الموضوع، يُساعِدنا أن نجدَ جواباً عن السؤال: لماذا أعطى اللهُ شريعتهُ في سِفر الخروج.
تحدّث كلُّ تعليمٍ بروتستانتيٍ رئيسيٍ عن ثلاثةِ استخداماتِ رئيسيّةٍ للناموس. الأوّل هو ما ندعوهُ غالباً "اوسوس بيداجاچيكوس" "usus pedagogicus"، أي الاستخدامُ التعليميّ للناموس. تعلّمُ مقاطعٌ من العهدِ الجديد مثلُ غلاطية 3: 23-26، رومية 3: 20، ورومية 5: 20-21 أنّ اللهَ استخدمَ الناموسَ ليُحرِّضَ على الخطيّةِ وليفضَحها. وبهذه الطريقة، يأتي الناسُ إلى المسيحِ كي ينالوا الخلاص. ثانياً، يُشير البروتستانت إلى ما يُعرَفُ عادةً "اوسوس سِڤِلوس" "usus civilus"، أي الاستخدامُ المدنيُّ أو السياسيُّ للناموس. ووفق هذا الاستخدامِ يكبحُ الناموسَ الخطيّةَ في المجتمعِ عن طريقِ التهديدِ بعقابِ الله. لكن بقدرِ ما تتماشى وجهاتُ النظرِ هذه مع تعاليمِ الكتبِ المقدّسةِ عموماً، يشدّدُ سِفرُ الخروجِ على ما ندعوهُ "الاستخدامُ الثالثُ للناموس". وهو يُعرَفُ عادةً "باوسوس نورماتِڤوس" "usus normativus"، أي الاستخدامُ المِعياريُّ و "اوسوس دَيداكتيكس" "usus didacticus" الاستخدامُ الإرشاديُّ. في هذه الحال، شريعةُ الله ِهي المعيارُ، أو الإرشادُ، للذين هم بالفعلِ تحتَ نعمته. إذاً في سِفر الخروج، أعطى اللهُ الناموسَ أساساً ليقودَ شعبه، إسرائيل، نحو بركاته.
نجدُ هذا الموضوعَ في عدةِ أماكنَ في سِفر الخروج. لكنّه يَظهَرُ بصورةٍ خاصّةٍ في 19: 1-24: 11، بِدءاً من استهلالِ عهدِ اللهِ مع إسرائيل وصولاً إلى التصديقِ على العهد. حيث قالَ اللهُ لبني إسرائيل:
"أنْتُمْ رَأيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِالْمِصْرِيِّينَ. وَأنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إلَيَّ."(خروج 19: 4).
نرى هنا أنّه حتّى قبلَ أن يحصَلَ بنو إسرائيل على الشريعةِ كانوا قد اختبروا نعمةَ الله. في العددَين 5 و6 انتقلَ اللهُ إلى الحاجةِ لأن يُطيعَ بنو إسرائيلَ شريعتَه ومنافعَ ولائهم لعهدهِ (خروج 19: 5-6). بعد أن سبقَ ونالوا نعمةَ اللهِ، سيكون بنو إسرائيل "خاصّتَهُ، و"مملكةَ كهنةٍ وأمّةً مقدّسةً إن أطاعوا شريعتهُ. نرى بوضوح أنّ شريعةَ اللهِ لم تُعطَ لبني إسرائيل كي يربحوا خلاصَهم. بل كان الناموسُ هبةَ اللهِ لشعبهِ بعدما كان قد أظهَر لهم رحمةً.
نجد نموذجاً مشابهاً في الخروج 20: 1-17. في 20: 2، استهلّ اللهُ الوصايا العشر بإعلانٍ عن إحسانهِ نحو إسرائيل، قائلاً: "أنَا الرَّبُّ إلَهُكَ الَّذِي أخْرَجَكَ مِنْ أرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ". نرى مرّةً أخرى أنّ رحمةَ اللهِ قد سبقت شريعتهُ لإسرائيل. فلم يُعطِ الله الوصايا العشر إلّا بعدَ هذا الإعلان. وكما يصرّحُ عددٌ من الوصايا العشر بوضوحٍ، ستحصلُ إسرائيل على البركاتِ إن أطاعت الشريعة. أظهرَ اللهُ أيضاً هذا النمطَ خلالَ إقرارِ العهد. في الخروج 24: 1-2، دعا بنعمتهِ قادةَ إسرائيلَ ليصعدوا إليه على جبل سيناء. في الأعداد 3-8، تعهّدَ الشعبُ بطاعةِ الشريعةِ. وفي الأعداد 9-11، احتفلَ قادةُ إسرائيلَ بنعمةِ السلامِ مع اللهِ، وبالفعل رأوا الله.
بالنسبة للقُراء الأصليين، نبّههم هذا التركيزُ على الطبيعةِ الكريمةِ والنافعةِ لشريعةِ الله في الماضي إلى حاجتهم ليتبعوا شريعةَ اللهِ في أيّامهم. حيث كانت الشريعةُ هبةَ اللهِ لهم في الظروفِ التي كانوا يعيشوها وكذلك في المستقبل أيضاً. وعلى هذا النحو، في كلِّ مرّةٍ نكونُ أمام وصايا اللهِ لإسرائيل في سِفر الخروج، علينا كأتباعِ المسيح أن ننظرَ إليها كهبةِ اللهِ الكريمةِ والنافعة لنا في المسيح.
نعلم أنّ في تأسيسِ ملكوته، منحَ يسوعُ ورسلَهُ وأنبياؤَهُ الكنيسةَ إعلاناتٍ جديدةٍ تساعدنا على تطبيقِ شريعِة موسى على عصرنا. لكن مقاطعٌ مثلُ متى 5: 17، رومية 8: 4 والعبرانيين 8: 10، تعلّمُ بوضوحٍ أنّ يسوعَ وأتباعَهُ لم يُنقِصوا من سلطةِ شريعةِ موسى. وينطبقُ الأمرُ نفسُه على مرحلةِ استمراريةِ الملكوت. واليوم، لا ينبغي علينا أن نحاولَ طاعةَ شريعةِ الله كما لو أنّ المسيحَ لم يأتِ. لكن يجب أن نُطبّقها اليوم في ضوءِ الإعلانِ الإضافيِّ في المسيح. وكما نعلم، عندَ عودةِ المسيحِ في اكتمالِ ملكوته، سيُقدّسُ شعبَهُ بالكامل. وعندها، سنُطيعُ شريعةَ اللهِ الكاملةِ المكتوبةِ في قلوبنا، في الخليقة الجديدة.
الكلمة
عن هذه الخطة
تدعى أول خمسة أسفار في العهد القديم عادة أسفار موسى الخمسة. وهي تروي قصة شعب اسرائيل من الخلقية إلى الاعداد لامتلاك أرض الموعد. ولكن هل أسفار موسى الخمسة هي مجرد سرد تاريخي لشعب الله المختار؟ أم هي شيء أكثر من ذلك؟ نتعرّف في خطة القراءات هذه على الأسفار من التكوين إلى التثنية، من خلال البحث في سبب كتابتها، ما قصدته لقرّائها الأصليين، والطريقة التي يجب بها أن نتجاوب معها اليوم. نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر للأسفار من التكوين إلى التثنية. كما نشرح كيف كان لقرّاء موسى الأصليين أن يفهموا الروايات القصصية الواردة في أول خمسة أسفار في الكتاب المقدس، وماذا تعني هذه القصص للمؤمنين المعاصرين.
More
نود أن نشكر خدمات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/pen