مُحصن ضدّ الخوفعينة
طرح الشك!
أعتقد أنَّ الكثير من شعب الله لا يدركون مدى خطورة عدم الإيمان. ينظر العديد من المسيحيين الأتقياء والصالحين إلى أنوفهم الدينيَّة في الأشخاص الذين يرتكبون خطايا أخرى أكثر وضوحًا. إنهم ينتقدونهم بحدة دون أن يدركوا أنَّ عدم الإيمان الذي يأويهم في قلوبهم، وفي بعض الحالات في عقائدهم، هو أكثر شرًا في نظر الربّ من الذنوب التي يدينونها. انتهر يسوع تلاميذه لعدم الإيمان أكثر من أيّ شيء آخر. والسبب وراء خطورة عدم الإيمان هو أنّه ليس خطيئة في حد ذاتها فحسب، بل يمكن أن يكون بوابة للخطايا الأخرى أيضًا. نحن نعلم أنَّ الإيمان هو عملة ملكوت الله، وبدون إيمان يستحيل إرضاء الربّ (عب 11: 6).
ومع ذلك، أعتقد أنَّ الكثير من الناس لديهم سوء فهم أساسي حول الإيمان. يصلون ويطلبون المزيد والمزيد من الإيمان. ولكن ماذا لو أخبرتك أن لديك بالفعل الكثير من الإيمان؟ المشكلة ليست في أنَّ لديك القليل من الإيمان. المشكلة هي أنَّ لديك الكثير من عدم الإيمان!
في مرقس 9: 24، قال رجل ليسوع: "أُومِنُ يَا سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي". لاحظ أنّه لم يطلب من يسوع أن يمنحه المزيد من الإيمان. في الواقع، قال، " أومن". أدرك هذا الرجل أنَّ المشكلة لم تكن إيمانًا ضعيفًا بل الكثير من عدم الإيمان! يمكن أن يكون الإيمان وعدم الإيمان حاضرين في نفس الوقت. الإيمان لديه القدرة على تحريك الجبال، لكن عدم الإيمان سيبطل قوة الإيمان.
دعني أوضح الأمر هكذا. عندما كانت زوجتي في كلية الكتاب المقدس، كانت تمتلك سيارة ديزل فضي فولكس واجن جيتا. ذات يوم قامت بإعارة السيارة لصديق. في طريقه لإعادة السيارة، على سبيل المجاملة، قرر إعادة تعبئة الوقود الذي استخدمه. فذهب إلى محطة الوقود، وأدخل بطاقته الائتمانيَّة، وفتح غطاء خزان الغاز، وبدأ في ملئها - بالبنزين! كيف لم يرَ التحذير الأحمر الواضح على الخزان الذي قال إنّه يستخدم "وقود الديزل فقط"، لا أعرف كيف حدث هذا أبدًا. ولكن شيء واحد مؤكد؛ كان خطأه الصغير باهظ الثمن بالنسبة لنا ومدمرًا للسيارة.
بعد إضافة البنزين، لم تعد السيارة تعمل. ليس الأمر أنّه كان هناك القليل جدًا من الديزل في الخزان. كانت المشكلة هي حقن مادة لا تتوافق مع تصميم السيارة. هذا بالضبط عمل عدم الإيمان! يريد الشيطان أن يضخ عدم الإيمان في معنوياتنا لأنه يعلم أن ذلك سيوقفنا عن الدعاء نحو الربّ.
دعونا نفكر في سياق الآية التي تحدث فيها يسوع عن الإيمان المحرك للجبل. تم العثور على القصّة في متى 17: 14-21. جاء رجل معين مع ابن به شيطان إلى تلاميذ يسوع طلبًا للمساعدة، ولكن عندما لم يتمكنوا من طرد الأرواح الشريرة، سألوا يسوع عن سبب عدم نجاحهم. قال لهم: "بسبب عدم إيمانكم". هذا تفسير واضح ودقيق للغاية كرره يسوع بقوله، "إذا كان لديك إيمان بحجم حبة الخردل، فستقول لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك، وسوف يتحرك؛ ولن يكون هناك شيء مستحيل بالنسبة لك".
حتّى الآن يبدو هذا واضحًا جدًا. لكن بساطة ووضوح هذا التصريح غالبًا ما يطغى عليه الارتباك حول الكلمات التالية التي قالها يسوع: "لكن هذا الجنس لا يخرج إلّا بالصلاة والصوم". (عدد 21). يبدو الأمر كما لو أنَّ يسوع ناقض نفسه. عندما سئل عن سبب عدم تمكن التلاميذ من طرد الشيطان، قال ذلك بسبب عدم الإيمان. ولكن الآن يبدو أنّه يقول ذلك لأنهم لم يصوموا ويصلوا بما فيه الكفاية. أيهما صحيح؟ يحدث الارتباك عندما نفشل في إدراك منظور القصة.
قد يبدو للوهلة الأولى أنَّ الشيطان هو النقطة المحوريَّة لهذه القصة، ولكن نظرة فاحصة ستكشف أنَّ الخصم الحقيقي في هذه القصّة ليس الشيطان بل روح عدم الإيمان! كان التلاميذ قلقين من الشيطان داخل الصبي، لكن يسوع كان قلقًا من عدم الإيمان داخل تلاميذه. كان سؤال التلاميذ عن إخراج الشياطين، لكن إجابة يسوع كانت حول إثارة الشكوك. عرف يسوع أنّه بمجرد طرد عدم الإيمان، فإنَّ طرد الشياطين سيكون سهل للغاية!
في بعض الأحيان علينا أن نصلي صلوات طويلة وأن نصوم لأيام عديدة قبل أن نحقق النصر، ولكن ليس لأن دعوتنا وتضرعتنا تجبر الربّ على فعل شيء ما. وهذا ليس لأننا كسبنا أخيرًا إجابة صلواتنا عن طريق تسجيل ساعات معتمدة كافية في حسابنا المصرفي الروحيّ. قد يكون الكثير من الصيام والصلاة ضروريًا ومفيدًا في مساعدتنا على الانتصار على غلاظتنا وإخراج روح عدم الإيمان التي تمنع قدرة الربّ من التدفق من خلالنا. هذا النوع من عدم الإيمان لا يخرج إلّا "بالصلاة والصوم". ومن الجدير بالذكر أيضًا أنَّ بعض المخطوطات لا تحتوي على تصريح عن الصلاة والصوم على الإطلاق، ولهذا السبب تركتها العديد من ترجمات الكتاب المقدس بالكامل. بأيّ طريقة تنظر إليها، الإيمان هو مفتاح الصلاة القوية. هذه هي النقطة التي ذكرها يسوع في هذه القصّة.
في متى 9: 25، عندما ماتت ابنة يايرس، كان على يسوع أن يرسل الجميع خارج الغرفة قبل أن يتمكن من أن يقيمها من بين الأموات. لماذا لم يسمح لكلّ هؤلاء المشككين الساخرين برؤية المعجزة بأعينهم؟ لأنه كان عليه أن يطرد عدم الإيمان. فعل بطرس الشيء نفسه في سفر أعمال الرسل ٩: ٤٠: "فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!» فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ". علّم يسوع تلاميذه درسًا مهمًا: اطرد روح عدم الإيمان بعيدًا، ولن يكون هناك شيء قادر على الوقوف ضدّك. الشياطين والموت وحتّى الجبال الأكثر ضخامة سوف تطيع أوامرك!
عن هذه الخطة
العالم كله يتحدث بدون توقف عن كورونا الآن والعديد من الناس حولنا خائفون. هنا يمكنك أن تجد الجزء 9 من سلسلتنا التعبديَّة "مُحصن ضدّ الخوف". إنّه مصمم لتقوية إيمانك خلال هذا الوقت ولتزويدك بكلمة الله - ليس فقط حتْى تتمكن من مواجهة هذه التحديات، ولكن أيضًا حتّى تتمكن من الخروج من هذا الموقف بنصرة دائمة.
More
نود أن نشكر CfaN Christ For All Nations على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: http://www.cfan.eu