الرسالة إلى العبرانيينعينة
اليوم 11: كهنوت يسوع الملوكي - العبرانيين 9: 1-28
في العبرانيين 9: 1–28، يتوسّع الكاتب في حديثه عن حقيقة كون كهنوت يسوع الملوكي أعظم من الكهنوت اللاوي. وقد بدأ هذا القسم بإشارته إلى المسكن الأرضي بحسب الترتيب الموسوي، مُظهِرًا ميزات مشتركة بينه وبين مَقْدِس الله السماوي. إضافةً إلى ذلك، يأتي على وصف الممارسات الكهنوتيّة التي أمر بها الله في اللاويين 16: 34 فيما يتعلق بيوم الكفّارة السنوي. وهذا يدلّ على أنّ الذبائح التي كانت تُقدّم في المسكن الأرضي لا يمكنها أن تحلّ مسألة الخطيّة بشكلٍ كامل، بل هناك حاجة لتكرارها سنة بعد أخرى. فكان لا بدّ من أن تُقام هذه الذبائح حتى يصل التاريخ إلى ذروته في الأيام الأخيرة - وهو ما سمّاه الكاتب، في العبرانيين 9: 10، "وقت الإصلاح". ثمّ يضيف الكاتب في العبرانيين 9: 11 قائلاً:
ذَلِكَ أَنَّ الْبَرَكَاتِ السَّمَاوِيَّةَ قَدْ تَحَقَّقَتْ فِي الْمَسِيحِ. فَهُوَ الآنَ كَاهِنُنَا الأَعْلَى (العبرانيين 9: 11، ترجمة كتاب الحياة).
ويشدّد هذا التصريح على أنّ الذين وضعوا إيمانهم في المسيح قد تحرّروا من الخطيّة بفضل كفّارة كهنوته الكاملة، وصار لهم الآن دخول إلى عرش النعمة السماوي.
إحدى المقابلات التي يستخدمها كاتب الرسالة إلى العبرانيين ليُظهر التباين بين ذبيحة المسيح عن الخطيّة والنظام الذبائحي في العهد القديم، هي أنّ عمل الكاهن في النظام الذبائحي للعهد القديم لم يكن يومًا تامًّا. إذ كان على الكاهن أن يستمرّ في تقديم ذبائح عن الخطايا مرّة بعد مرّة. والنقطة التي يحاول الكاتب إيصالها هي أنّ هذا العمل لا يكفي لإتمام التكفير عن الخطيّة والتخلّص منها نهائيًّا، لكنّ عمل المسيح قد أتمّ ذلك كليًا. في الواقع، يسوع هو رئيس الكهنة العظيم الذي إذ قدّم نفسه ذبيحة عن الخطيّة جلس عن يمين الله. وكاتب العبرانيين يفسّر ذلك كما لو أنّ المسيح يقول إنّ عمله قد أُنجِز بالكامل، وتمّ التعامل نهائيًّا مع الخطيّة.
—الدكتور قسطنطين كامبل
ويشرح الكاتب أيضًا لماذا كانت ذبيحة المسيح ضرورية. كان ينبغي على المسيح أن يقدّم نفسه ذبيحة مستخدمًا مثال الوصيّة. فإنفاذ الوصايا المألوفة يستلزم موت الموصي. وهكذا كان عهد موسى يستلزم موتًا وسفك دمٍ. من هنا، وبالتحليل المنطقي، شرح الكاتب أنّ تدشين العهد الجديد يستلزم موتًا وسفك دم - دم المسيح في قدس أقداس الله في العرش السماوي. وفي هذه الحالة، إنفاذ حكم إرث "الوصيّة" هو الغفران. لذلك، لا ينال الناس الغفران إلّا عندما يتطهرون بدم ذبيحة يسوع. يعبر الكاتب في العبرانيين 9: 26 عن فكرته بهذه الطريقة:
وَلَكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ (العبرانيين 9: 26).
لقد أبطل يسوع الخطيّة مرّةً لأنّ دمه لم يُرشّ في أقداسٍ مصنوعة بيد إنسان. بل دخل السماء بذبيحة نفسه. وتمامًا كما وعد الرب في إرميا 31: 34:
لأَنِّي أَصْفَحُ عَنْ إِثْمِهِمْ وَلاَ أَذْكُرُ خَطِيَّتَهُمْ بَعْدُ (إرميا 31: 34).
مات يسوع فدية عن شعبه ليحرّره من الدينونة. ويُنهي الكاتب هذا القسم بقوله إنّ المسيح سيعود، لكن لا ليحمل خطايانا مجدّدًا. لكن عندما سيظهر ثانيةً، سوف يأتي يسوع بالخلاص للذين ينتظرونه.
عن هذه الخطة
تعد الرسالة إلى العبرانيين أحد أكثر الأسفار تحدّياً في العهد الجديد. فمن الصعب فهم العديد من موضوعاتها وأفكارها الرئيسية وهي تميل إلى تناولها بشكل مختلف عما تقوم به أسفار العهد الجديد الأخرى. من المفيد أن ندرك أن القرّاء الأصليين كانوا يواجهون الاضطهاد وتجربة الارتداد عن المسيح. لهذا السبب ركّز الكاتب على الثبات القوي في الإيمان، ولذلك تعد هذه الرسالة من أكثر الأسفار ذات قيمة وتشجيعاً للمسيحيين في كل عصر.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع http://thirdmill.org