أبونا إبراهيمعينة
اليوم 08: الإعداد والصلاة الكهنوتية – يوحنا 15: 1 – 17: 26
لقد وصلنا الآن إلى الخطوة الأخيرة من سجل موسى عن حياة إبراهيم، ذريته ووفاته في تكوين 22: 1-25: 18. وتركّز هذه الحلقات على تراث إبراهيم والذي وسَّع علاقته العهدية مع الله لتشمل أجيال المستقبل. بعبارات عامّة، كان يجدر بالإسرائيليين الذين تلقوا هذه القصص من موسى أولاً أن يتعلمّوا الكثير منها عن وضعهم كورثة لإبراهيم، وعن الآمال التي كان ينبغي أن يحملونها لذريتهم.
إن الحلقة الأولى من هذا الجزء من حياة إبراهيم هي القصة المعروفة عن امتحان إبراهيم في 22: 1-24. حيث كان هذا الاختبار مُصمَمَاً ليقرر إذا كان إبراهيم يحب الله أكثر من ابنه إسحاق. فقد بدأ الله اختباراً صعباً، عندما دعا إبراهيم للتضحية بابنه. وقد أطاع إبراهيم، وأكدَّ الله لإبراهيم أن نتيجة طاعته ستكون مستقبلاً مشرقاً لإسحاق.
وبالرغم من وجود مضامين لا تُحصى من هذه القصة بالنسبة للإسرائيليين الذين تبعوا موسى، إلاَّ أن السمة الأكثر بروزاً في هذه الفقرة هي أنها ذكّرتهم أن الله كان يختبر أمة إسرائيل لكي يرى عُمقَ ولائهم له. لقد أجرى الله العديد من الاختبارات لأمة إسرائيل في أيام موسى. وقد ذكّرتهم طاعة إبراهيم لاختباره بحاجتهم لطاعة هذه الاختبارات، بغض النظر عن مدى صعوبتها. كما وذكّرهم التأكيد على مستقبل إسحاق العظيم باعتباره ذرّية إبراهيم، بالمستقبل العظيم الذي سيحصلون عليه إذا اجتازوا هذه الاختبارات.
إن الحلقة الثانية من الخطوة الأخيرة في حياة إبراهيم هي قصة شراء رئيس الآباء لموقع الدفن في 23: 1-20. حيث تصف هذه القصة كيف حصل إبراهيم على موقع دفن العائلة في حبرون عندما ماتت زوجته سارة. وتؤكّد هذه الرواية أن إبراهيم لم يقبل هذه المُلكية كهدية لكنه اشتراها. وأسس سند المُلكية هذا حقّ عائلته الشرعي في اعتبار أرض كنعان كموطن لهم.
وقد فهم الإسرائيليون الذين تبعوا موسى، أهمية ومضامين شراء موقع الدفن بالنسبة لحياتهم. فقد كان موقع دفن أسلافهم. حيث دُفن هناك كلّ من إبراهيم، إسحاق، ويعقوب. كما فهموا أن لديهم ملكية شرعية في الأرض، حتى قبل احتلالها. وقد أمضى إبراهيم، إسحاق، ويعقوب الشطر الأكبر من حياتهم في حبرون وما حولها. وكان الإسرائيليون ملتزمين جداً بحبرون على اعتبار أنها موطن أسلافهم حتى أنهم حملوا عظام رئيس الآباء يعقوب ليدفنوها في حبرون. وقد أثبتت قصة شراء إبراهيم لأرض الدفن هذه أنَّ المكان المناسب لنسله هو أرض كنعان فقط.
إن الحلقة الثالثة من ذرية إبراهيم ووفاته، هي القصة المؤثرة لكنّة إبراهيم رفقة، والتي أصبحت زوجةً لابنه المفضّل إسحاق في 24: 1-67. وحتى يتأكد من تجنب إسحاق لفساد الكنعانيين، أصرَّ إبراهيم في هذه القصة، على عدم زواج إسحاق من امرأة كنعانية. لكن إبراهيم تأكد أيضاً من بقاء إسحاق في أرض كنعان، أرض الموعد، وذلك بإرسال خادم ليحضر زوجةً لإسحاق. وبإيجاد زوجة لإسحاق بهذه الطريقة، ضمن إبراهيم مستقبلاً عظيماً من بركات الله لإسحاق ونسله.
كان على الإسرائيليين الذين تبعوا موسى أن يتعلموا من هذه القصة أن إسحاق، الذي هو صلة الأسلاف بإبراهيم، بقي طاهراً من فساد الكنعانيين حتى عندما حافظ على موطنه في كنعان. وسيكون مستقبل إسحاق المشرق والمبارك مستقبلهم أيضاً، طالما أنهم يقاومون أيضاً فساد الكنعانيين الذين كانوا يقيمون في أرض الموعد.
إن الحلقة الأخيرة من حياة إبراهيم هي قصة وفاة رئيس الآباء ووريثه في 25: 1-18. حيث تضع هذه المجموعة من البيانات العديدة والمختصرة قائمة بأبناء إبراهيم من زوجات أخريات ما عدا سارة. ثم تنتقل إلى وفاة رئيس الآباء، والذي تلقى إسحاق فيه بركة إبراهيم النهائية باعتباره وريثه الشرعي. أخيراً، تختم بجزء مغاير يضع قائمة بنسل إسماعيل بشكل مختصر.
كان لخاتمة حياة إبراهيم هذه عدة مضامين بالنسبة للقراء الأصليين. فقد أدرجت أبناء إبراهيم الآخرين لتميّز بينهم وبين الإسرائيليين. كما أنها سلّطت الضوء على مباركة إبراهيم النهائية لإسحاق، لتؤكد للإسرائيليين الذين تبعوا موسى على أنهم الورثة الحقيقيين لوعود إبراهيم. وذكرت نسل إسماعيل لنفي أية ادّعاءات قد يلجأ إليها الإسماعيليون فيما يختص بميراث إبراهيم. وبختم وصفه لحياة إبراهيم بهذه الطريقة، حددَ موسى هوية، حقوق، ومسؤوليات نسل إبراهيم الحقيقية، أي الإسرائيليين الذين قادهم إلى أرض الموعد.
وهكذا نرى أن موسى كتبَ قصصَهُ عن حياةِ إبراهيم ليُعلّمَ بني إسرائيل الذين قادهُم لماذا وكيف ينبغي عليهُم تَركُ مِصرَ والتقدمَ نحوَ امتلاكِ أرضَ الموعد. ولتحقيقِ هذه الغايةُ، شدّدَ موسى، وبطرقٍ مختلفةٍ، في كلِّ حلقةٍ من قصةِ حياةِ إبراهيم على كونهم ورثةُ النعمةِ المعطاةِ لرئيسِ الآباء، وأنهم مسؤولين عن ولائِهِم لله كما كان إبراهيمُ مسؤولاً، وأنهم سيحصلوا على بركاتِ الله كما حصل عليها إبراهيم، وأنهم سيُباركوا جميعَ قبائلَ الأرضِ يوماً ما. إن لوصفِ موسى لحياةِ إبراهيم مضامينَ غيرَ محدودةٍ بالنسبةِ لبني إسرائيل الذين تبعوه إلى أرضِ الموعد.
عن هذه الخطة
ينظر المسيحيون، والمسلمون، واليهود جميعا إلى أبونا إبراهيم كأب لمعتقداتهم. ولكن تستخلص هذه الديانات استنتاجات مختلفة جدا حول سيرته الذاتية. تبحث هذه السلسلة في قصة حياة إبراهيم في سفر التكوين من وجهة نظر مسيحية واضحة من أجل الإجابة على أسئلة مثل: ماذا تعني هذه الأسئلة لأولئك الذين تسلموها أولاً؟ وماذا تعني لنا نحن اليوم؟
More
نود أن نشكر وزارات الألفية الثالثة على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org