سفر الرؤياعينة

سفر الرؤيا

يوم 15 من إجمالي 30

اليوم 15: التفاصيل (الأحداث القادمة - القصص السبع)

تشبه رؤيا القصص الرمزية السبع في بنيتها رؤى الختوم والأبواق: فالقصص الست الأولى مجموعة معاً، وتتبعها فترة فاصلة، ثم القصة الرمزية السابعة. لكن في الوقت الذي فيه ركزت رؤى الختوم والأبواق على الدينونات الإلهية، وصفت القصص السبع الصراع الروحي بين الشيطان وشعب الله. وتدور القصص في هذه السلسلة حول شخصيات رمزية رئيسية: المرأة، التنين، الوحش الطالع من البحر، الوحش الطالع من الأرض، و١٤٤٠٠٠ أَلْف مؤمن، ثم الملائكة المرسلون وابن الإنسان.

الشخصية الرمزية الأولى هي امرأة حامل متسربلة بالشمس. وقصتها موجودة في الرؤيا ١٢: ١-١٧، وتشبه هذه القصة قصة ولادة يسوع ومحاولة هيرودس قتله. والمرأة التي تمثل شعب إسرائيل المؤمن، ولدت يسوع، المسيح المنتظر. وأُخذ ولدُها إلى السماء، وهو ما قد يشير إلى قيامة يسوع وصعوده إلى السماء. لكن المرأة بقيت على الأرض واضطهدها تنين عظيم. لكن الله حماها فلم يقدر التنين أن يهزمها، لكنها عانت بسبب الصراع. وهذه القصة الرمزية تمثل حقيقة أن يسوع يتحدر من شعب الله الأمين، وأن المؤمنين الحقيقيين ما زالوا يتألمون بسبب الشيطان ومملكته. وقرّاء يوحنا الأولون فهموا أن هذا الصراع هو أساس مشاكلهم، واستمدوا التشجيع من حماية الله واعتنائه بالمرأة. كما لا بد أن يكونوا قد فهموا حاجتهم إلى الثبات، طالما أن صراعاتهم لن تنتهي في وقت قريب.

القصة الرمزية التي تلت تدور حول تنين أحمر ضخم، ووردت في الرؤيا ١٢: ٣-١٧. وهذه القصة قُدّمت في الوقت عينه مع قصة المرأة، لكن أشير إليها كآية مستقلة في الرؤيا ١٢: ٣. ويوصف التنين كتِنِّين عَظِيم أَحْمَر، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ. ويوصف في العدد ٩ كالشيطان نفسه. وفي رؤيا يوحنا ذنب التنين جرَّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ وطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وهذا العمل قد يشير إلى سقوط الملائكة وتحوّلهم إلى أرواح شريرة أو إلى اضطراب سياسي كما نجد في إشعياء ٣٤: ٤ ومرقس ١٣: ٢٥. وهجوم الشيطان على المرأة وابنها يسلّط الضوء على الصراع الشديد بين الشيطان وشعب الله.

في قصة التنين حصلت أيضاً حرب في السماء، فيها حارب ميخائيل وملائكته التنين. وطرح ميخائيل الشيطان وملائكته إلى الأرض. وبعد أن طُرح الشيطانُ إلى الأرض طارد المرأة ليضطهدها. لكن الله حفظها، فانتقل الشيطان إلى اضطهاد نسلها، أي المؤمنين الذين يطيعون المسيح ويحفظون شهادته. وأريدَ من هذه القصة الرمزية أن تساعد قرّاء يوحنا ليفهموا أنهم مضطهدون بسبب كراهية الشيطان لله، وهم في حرب روحية. لكن رغم ذلك، فإن الشيطان قد سبق وهُزم، وستواجه الكنيسة الاضطهاد فقط إلى حين انتهاء زمن التنين المحدود على الأرض.

القصة الرمزية الثالثة تدور حول الوحش من البحر وهي موجودة في الرؤيا ١٣: ١-١٠. وهذا الوحش له خصائص الأسد، والدب والنمر، ويشبه الحيوانات في دانيال ٧ التي تمثل ممالك وثنية. وهذا يشير إلى إن الوحش الذي من البحر يرمز إلى القوى السياسية التي تقاوم مملكة يسوع المسيح. كما كتب يوحنا أن للوحش ندبة رهيبة من جرح سابق مميت.

وأعطى التنين الوحش الذي من البحر قوة وسلطاناً على كل ممالك الأرض، وكل سكان الأرض سجدوا للوحش. حتى إنه أُعطيَ سلطاناً ليصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم. وعلى الأرجح ربط قرّاء يوحنا الوحش بالإمبراطور الروماني أو بالإمبراطورية، وكذلك بعبادة الإمبراطور. وقد شعروا بالحاجة إلى مقاومة الوحش، وبالبقاء أمناء للمسيح.

أما القصة الرمزية الرابعة فتركّز على الوحش الثاني الذي طلع من الأرض. ونجد هذه القصة في الرؤيا ١٣: ١١-١٨. ولهذا الوحش قرنان مثل الخروف، لكنه يتكلم مثل التنين. وهو خدم الوحش الذي من البحر، وصنع معجزات ليجعل العالم يعبد هذا الأخير. كما ألزم الناس أن يقبلوا علامة الوحش على يدهم اليمنى أو على جبهتهم. وسعى هذان الوحشان أن يُخضعا العالم كله.

وقرّاء يوحنا ربطوا هذا الوحش الثاني بالعبادة الرومانية الرسمية التي فرضت عبادة الإمبراطور. وكما هي الحال بالنسبة للوحش الذي من البحر، فالغرض من هذه القصة هو حث القرّاء على مقاومة عبادة الأوثان والبقاء أمناء ليسوع.

القصة الرمزية الخامسة تتعلق بـ ١٤٤٠٠٠ مؤمن المنتمين إلى الله، وترد في الرؤيا ١٤: ١-٥. وانطلاقاً من حقيقة كون اسم الله مختوماً على جباههم، يبدو أنها الجماعة ذاتها المذكورة في الرؤيا ٧: ١-٨. وختم اسم الله على جباههم يتباين مع علامة الوحش على جباه الذين يطيعون الوحش على الأرض. وشاهد يوحنا في رؤياه هؤلاء ١٤٤٠٠٠ مؤمن واقفين على جبل صهيون يسبحون الله.

وهذه القصة الرمزية أكدت لقرّاء يوحنا أن المؤمنين الحقيقيين سينجون في النهاية من التنين والوحشَين وينالون بركة الله. وعلى الرغم من الاضطهاد الشديد، فسوف يوجد المؤمنون الأمناء طاهرون وبلا عيب.

القصة الرمزية السادسة هي رؤيا لثلاثة ملائكة مرسلين ونجدها في الرؤيا ١٤: ٦-١١. وفي رؤيا يوحنا، أعلن الملاك الأول البشارة الأبدية، داعياً كل الناس أن يخافوا الله ويعبدوه. وأعلن الملاك الثاني سقوط بابل العظيمة، عاصمة الذين يقاومون ملكوت يسوع المسيح. وأعلن الملاك الثالث الدينونة النهائية على جميع الذين تبعوا الوحش وعبدوه. وقد أعلن هؤلاء الملائكة أن إنجيل المسيح سينتصر على كل الممالك المعادية، وأنه عند عودة يسوع سيدان أعداؤه إلى الأبد.

ولا شك أن وصف يوحنا لهؤلاء الملائكة المرسلين قد شجّع قراءه أن يدركوا أنه على الرغم من أنه قد يبدو أحياناً أن الكنيسة تنهزم، فإن ملكوت المسيح سينتصر في النهاية على أعدائه. وإن كان أي من قرّاء يوحنا يفكر في عبادة الإمبراطور هرباً من الاضطهاد، فهذه القصة كانت بمثابة إنذار لمقاومة تلك التجربة.

بعد الملائكة المرسلين، أورد يوحنا فترة فاصلة في الرؤيا ١٤: ١٢-١٣. في هذه الفترة الفاصلة، حضّ يوحنا شعب الله على الثبات ومقاومة الحضارة الوثنية التي حولهم. وأعلنت أصوات من السماء أن الذين يبقون أمناء سينالون في النهاية بركة الله وراحته.

أما القصة الرمزية الأخيرة فتصف شخصاً "شبه ابن إنسان"، جالساً على سحابة بيضاء ويأتي ليجمع حصاده. ونجد قصته في الرؤيا ١٤: ١٤-٢٠. وعبارة “شبه ابن إنسان” مستخدمة أيضاً في الرؤيا ١: ١٣، حيث تشير هناك بالتحديد إلى يسوع. ومن الواضح من أحداث وسياق الرؤيا ١٤ أن ابن الإنسان هو المسيح. والصورة المجازية في هذه القصة مأخوذة من دانيال ٧: ١٣، حيث شخص "مثل ابن إنسان" يأتي على السحب ليدخل إلى بلاط الله السماوي.

في القصة الأولى في هذه السلسلة، قصة المرأة، يصوّر يسوع كطفل اختُطف إلى السماء. لكن في ذروة هذه القصص، يُصوّر يسوع كابن إنسان وهو يحصد حصاده من الأتباع الأمناء كما يحصد الحصَّاد الحبوب. ثم يظهر حصّاد ثان، وهذا الأخير هو ملاك، فيحصد سكان العالم الباقين ويعصرهم حتى يخرج دمهم في مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ. وهذه الرؤيا أعلنت الانتصار النهائي ليسوع. وهي تُظهر أن التاريخ يتحرك نحو أوج ذروته، حيث الأمناء ليسوع سيُبرَّرون ويكافؤون، لكن غير الأمناء سيهلكون.

لا شك في أن قرّاء يوحنا الأولين وجدوا ذلك مشجّعاً. ولا بد أنهم أدركوا أن ألمهم لا يجدر أن يقارن بالغضب الذي يسكبه الله على أعدائه. واستمدوا رجاء وثقة من حقيقة أنهم سيُبررون في النهاية ويتباركون.

لا شك في أنه من خلال سلسلة الرؤى للقصص الرمزية تَذكّرَ قرّاء يوحنا الأصليون أن المسيح قد سبق وغلب الشيطان على الصليب. وبما أن الشيطان فشل في أن يغلب المسيح في مجيئه الأول، يمكن للمؤمنين أن يكونوا واثقين تماما بأنه سيفشل هذه المرة أيضاً. ففي النهاية سيعود المسيح ويُهلك الشيطان ووحوشه. في غضون ذلك، سيعاني المؤمنون اضطهاداً من عدوهم المهزوم وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.

يوم 14يوم 16

عن هذه الخطة

سفر الرؤيا

 يمكن لسفر الرؤيا أن يكون ممتعاً ومربكاً في نفس الوقت. فهو ممتع لأنه يسجل  رؤى دراميّة عن دور المسيح والكنيسة في تاريخ العالم. لكنه أيضاً مربكاً  لأني الصور المجازيّة الخاصة به غريبة جداً عن القرّاء المعاصرين. ورغم  ذلك، فإن الرسالة العامة واضحة: يسوع الملك سيعود بانتصار. 

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: 

http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/rev