سفر الرؤياعينة

اليوم 18: التفاصيل (الزانية العظيمة - ملك القديسين)
تتضمن هذه السلسلة حول مُلك القديسين ثلاثة أقسام، بدءاً بـملك الألف سنة للقديسين المسمّاة عامة الألفية في الرؤيا ٢٠: ١-١٠.
1) ملك الألف سنة:
رأى يوحنا في هذا الجزء، ملاكاً نازلاً من السماء وربط التنين الكبير الذي هو الشيطان. وقد رأى يوحنا أنه للألف سنة المقبلة سيبقى الشيطان مربوطاً بينما يعود الشهداء المسيحيون الأمناء إلى الحياة ويملكون مع المسيح. وقد رأى يوحنا أيضاً أنه بعد الألف سنة، سيطلق الشيطان ليجمع الأمم لحربه النهائية ضد الله، ونجد وصفاً لهذه الحرب في الرؤيا ١٩. وفي نهاية هذه المعركة، سيباد أعداء الله إلى الأبد. حتى الشيطان نفسه سيطرح إلى الأبد في بحيرة النار والكبريت.
يدرك معظم المفسّرين أن رؤيا ٢٠، مثل بقية نبوّة يوحنا الرؤيوية، هي رمزية إلى حد بعيد. ويفسّر المؤمنون رموزه بطرق عديدة متفاوتة. في الواقع، من الصعب إيجاد نصوصٍ في كل سفر الرؤيا اختلف حوله المفسّرون مثل هذا النص.
يوجد عموماً أربع مدارس رئيسية في تفسير هذا المقطع. وكل مدرسة تسمى وفق فهمها للألفية أو الألف سنة المذكورة في هذا المقطع. وهذه المدارس الأربع هي: ما قبل الألفية التاريخية، ما قبل الألفية التدبيرية، اللاحق للألفية واللاألفية.
ما قبل الألفية التاريخية وما قبل الألفية التدبيرية هما منهجان يسمَّيان السابق للألفية، أي يؤمنان أن يسوع سيعود قبل بدء الألفية. بينما المنهج اللاحق للألفية فيعتقد أن يسوع سيعود بعد نهاية الألفية، ومنهج اللاألفية فيعتقد أن لا وجود لشيء اسمه الألف سنة، وأن يسوع يعود في نهاية الزمان. لننظر إلى كل واحد من هذه المناهج مع بعض التفاصيل الإضافية.
يُسمى ما قبل الألفية التاريخية تاريخي لأنه الموقف الذي يسبق الألفية وتتمسك به جماعات عديدة واللاهوتيون عبر تاريخ الكنيسة. وهو يعلّم أنه بعد عودة يسوع، سيُربط الشيطان ويدشن يسوع الألفية وهي فترة ألف سنة من السلام الأرضي والازدهار. وفي هذه الفترة سيستمر المؤمنون وغير المؤمنين بالعيش على الأرض. ثم عندما تنتهي الألفية، سيتمرّد الشيطان، وتتبعه الدينونة النهائية. ثم يبدأ مُلك الله الأبدي على السماوات الجديدة والأرض الجديدة. وهذا الرأي يعتبر أن الرؤيا ٢٠ يتبع زمنياً الرؤيا ١٩.
أما الرأي القائل بما قبل الألفية التدبيرية فقد بدأ التعليم عنه في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر. وهناك اختلافات ضمن هذا الرأي لا سيما بالنسبة لتوقيت الأحداث النهائية قبل الألفية. لكن بصورة عامة، يعلّم رأي ما قبل الألفية التدبيرية أنه عند عودة يسوع، سوف يردّ أمة إسرائيل ويملك بصورة ظاهرة على الأمم من عرشه في أورشليم. ونحو نهاية الألفية، سيقوم الشيطان بالتحريض على التمرّد، لكن الله سيهزم الشيطان وجيوشه بالكامل. وبعد ذلك ستتم الدينونة النهائية، ويبدأ ملك الله الأبدي على السماوات الجديدة والأرض الجديدة. ومثل موقف ما قبل الألفية التاريخية، يعتبر هذا الرأي أن الفصل ٢٠ من الرؤيا يتبع زمنياً الفصل ١٩.
على نقيض الموقف السابق للألفية التاريخية والتدبيرية، يعلّم رأي اللاحق للألفية أن يسوع سيعود بعد الألفية. ويعتبر الألفية ذاتها إما الفترة الكاملة بين المجيء الأول والثاني للمسيح، أو الألف سنة الأخيرة قبل عودته. في الحالتين، خلال الألفية يملك يسوع من السماء. وملكوته يمتد من خلال الإنجيل ليغطي الأرض كلها ويحسنها.
موقف اللاألفية يعني حرفياً "لا يوجد ألفية". ويأخذ هذه التسمية من حقيقة رفضه أن تكون الألفية ألف سنة حرفية. وهو يعلّم أن الألفية تتألف من ملك المسيح على الأرض، من عرشه السماوي ومن خلال كنيسته؛ وأن يسوع سيعود في نهاية الدهر. وتتميّز اللاألفية عن اللاحقة للألفية في نواح عدة. فمن جهة، كل أشكال اللاألفية تؤكد أن الألفية هي الفترة الكاملة بين مجيء المسيح الأول ومجيئه الثاني. ومن جهة أخرى، لا تشدّد على أن الحكم الألفي ليسوع والقديسين سيوّسع الملكوت ويحّسن العالم. فمن وجهة النظر اللاألفية، سيختبر المسيحيون بركات الله والضيقة العظيمة على الأرض إلى وقت الانتصار النهائي الذي سيتحقق عند عودة المسيح.
من المهم لاتباع المسيح أن يدركوا أن المؤمنين الإنجيليين لا يتفقون دائماً، وأن مسألة الألفية كانت موضوع خلاف عبر التاريخ. لكن بغض النظر عن التفسير الألفيّ الذي نتبناه، يمكن أن يتفق كل المسيحيين الإنجيليين أن المسيح سيعود ويحقّق الانتصار النهائي على الشر، وأن الشيطان سينهزم في النهاية، وسيحيا شعب الله إلى الأبد تحت مُلك المسيح في خليقةٍ مجدّدةٍ. فنحن نتشارك جميعاً في القناعات ذاتها. ونتيجة لذلك، يمكننا جميعاً أن نجد تعزية كبيرة وتشجيعاً في تعاليم الكتاب المقدس حول الألفيّة.
يتناول القسم الثاني من السلسلة حول ملك القديسين، الدينونة النهائية لأعداء الله، في الرؤيا ٢٠: ١١-١٥.
2) الدينونة النهائية على أعداء الله:
في هذا القسم من رؤياه، شهد يوحنا دينونة الله النهائية على كل البشر بحسب أعمالهم. وقد شملت هذه الدينونة جميع البشر الذين مرّوا بالحياة. أما المؤمنون الذين أسماؤهم مكتوبة في كتاب الحياة، فنجوا من غضب الله المريع، غير أن بقية البشر دينوا على خطاياهم. وهذه الناحية من الدينونة الأخيرة أزالت بالكامل حضور الخطية في العالم ونتائجها، وفتحت الطريق أمام السماوات الجديدة والأرض الجديدة.
أخيراً، يشدّد القسم الثالث، من هذه السلسلة حول مُلك القديسين، على الدينونة الأخيرة لشعب الله، في الرؤيا ٢١: ١-٨.
3) الدينونة النهائية لشعب الله:
رأى يوحنا أن الدينونة الأخيرة لشعب الله ستكون بركة عظيمة. فالسموات والأرض ستصنعان من جديد، وأورشليم الجديدة ستنزل من السماء كعاصمة الأرض الجديدة. وتشير هذه الرمزية إلى حقيقة أنه في السماوات الجديدة والأرض الجديدة، سيسكن الله وسط شعبه. وقد فعل الله ذلك في القديم في جنة عدن، وفي المسكن وفي الهيكل. وهو الآن يسكن معنا في المسيح. لكن في السماوات الجديدة والأرض الجديدة، شركتنا مع الله ستكون حتى أعظم، لأنه سيعلن مجده بيننا، وسنعيش في حضوره الفعلي إلى الأبد.
الكلمة
عن هذه الخطة

يمكن لسفر الرؤيا أن يكون ممتعاً ومربكاً في نفس الوقت. فهو ممتع لأنه يسجل رؤى دراميّة عن دور المسيح والكنيسة في تاريخ العالم. لكنه أيضاً مربكاً لأني الصور المجازيّة الخاصة به غريبة جداً عن القرّاء المعاصرين. ورغم ذلك، فإن الرسالة العامة واضحة: يسوع الملك سيعود بانتصار.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: