سفر الرؤياعينة

سفر الرؤيا

يوم 30 من إجمالي 30

اليوم 30: النتائج (البركات النهائية)

في دينونة الله النهائية على الخطية، ستستأصل من هذا العالم كل القوى الحكومية والروحية التي تقاوم حكمه، وسيدان معهم أيضاً جميع الذين لم يؤمنوا. وبعد أن تتطهر الخليقة من أعداء الله، سيتجدّد الكون نفسه، وينتج عنه السماوات الجديدة والأرض الجديدة لشعب الله الأمين ليعيش ويتمتع فيها إلى الأبد. تصف الأعداد ١-٥ من الرؤيا 21 الخليقة الجديدة بهذه الطريقة:

ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، ... وَسَمِعْتُ صَوْتاً عَظِيماً مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: ... الأُمُور الأُولَى قَدْ مَضَتْ. وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيداً.

نشير هنا إلى ثلاث بركات نهائية للسماوات الجديدة والأرض الجديدة التي قال يوحنا إن الأوفياء لله سينالونها. أولاً، سيكون هناك إصلاح وتجديد كامل للخليقة.

1) تجديد الخليقة:

يُخبرنا العددان ١ و٤ من الرؤيا 21 أن السماء الأولى والأرض الأولى قد مضتا، مبّينة أنها ستزول بمعنى ما. ونجد أفكاراً مشابهة في مواضع مثل ٢ بطرس ٣: ١٠-١١، إذ يتحدثان عن دمار العالم الحاضر لإفساح المجال أمام العالم الجديد.

لكن الرؤيا ٢١: ٥ تصف السماوات الجديدة والأرض الجديدة بلغة التجديد، ما يدل على أنها بدل أن تزول بالكامل، فإن الخليقة القديمة ستُجدّد أو تُصلح. وهذه الفكرة ذاتها موجودة في مقاطع مثل رومية ٨: ١٩-٢٢. وتعلمنا هذه المقاطع بأنه سيكون هناك استمراية جوهرية بين الخليقتين وليس مجرد تشابه. وتعلن الأعداد ٢٤-٢٦ من الرؤيا ٢١ أن مجد الأمم وكرامتهم سيأتيان إلى أورشليم الجديدة، كإشارة إلى أن النواحي المفدية من حياتنا الحاضرة سنحملها معنا إلى السماء الجديدة والأرض الجديدة.

ونتيجة لذلك، استنتج معظم اللاهوتيين أن الخليقة الحاضرة لن تنزع بالكامل وتُستبدل، بل إنها ستتحول جذرياً.

وهذا التحوّل سيكون عن طريق التجديد، جاعلاً العالم حتى أفضل مما كان عند خَلقِه. فالخليقة كلها ستكون مقدّسة وطاهرة، وملائمة بالكامل ليسكنها الله. وكما أعلن الملاك في الرؤيا ٢١: ٣-٤ 21: 3-4:

هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْباً، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهاً لَهُمْ. ‫وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ.

ناحية أخرى مهمة عن تجديد الخليقة مذكورة في الرؤيا 22: 3، حيث نقرأ:

وَلاَ تَكُونُ لَعْنَةٌ مَا فِي مَا بَعْدُ.

في السماوات الجديدة والأرض الجديدة، تُرفع اللعنة التي وضعها الله على آدم وحواء في جنة عدن. وتوضح مقاطع مثل التكوين ٣: ١٧-١٩؛ ٥: ٢٩ و٨: ٢١ أن السماوات القديمة والأرض القديمة قد فسدت تماماً نتيجة سقوط البشرية في الخطية. والأرض تقاوم محاولاتنا في زرع الطعام. والحيوانات البريّة تهاجمنا. أما الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، والزلازل والأعاصير فتسبب الألم للكثير من الناس حول العالم. وتسبب الجراثيم الأمراض، وأحياناً تكون قاتلة.

لكن عندما يعود المسيح، سيحرّر العالم من كل مظاهر هذه اللعنات. وقد وصف يوحنا بركات الخليقة الجديدة بطرق متنوعة، بما فيها أورشليم الجديدة، المدينة المقدسة، مزَيّنة كعروس وتشعّ بمجد الله. وأحد أثمن الرموز التي استخدمها يوحنا في هذه القرينة هو صورة نهر الحياة الذي يتدفق عبر أورشليم الجديدة ويروي شجرة الحياة. انظر إلى ما ورد في الرؤيا ٢٢: ١-٢:

وَأَرَانِي (الملاك) نَهْراً صَافِياً مِنْ مَاءِ حَيَاةٍ لاَمِعاً كَبَلُّورٍ خَارِجاً مِنْ عَرْشِ اللهِ وَالْحَمَلِ. فِي وَسَطِ سُوقِهَا وَعَلَى النَّهْرِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ ... وَوَرَقُ الشَّجَرَةِ لِشِفَاءِ الأُمَمِ.

تصور لنا هذه الأعداد الجميلة نهراً متدفقاً من عرش الله الذي يروي شجرة الحياة، وهي بدورها تشفي الأمم. وهذه المواضيع تعود جميعها إلى كتاب التكوين. ويتحدث التكوين ٢: ١٠ عن نهر يتدفق من عدن ويروي جنة عدن وشجرة الحياة. ويُشار إلى هذا النهر كنهر النِعَم في المزمور ٣٦: ٨، كنَهْرٍ سَوَاقِيهِ تُفَرِّحُ مَدِينةَ اللهِ في المزمور ٤٦: ٤.

ونجد بحثاً مطولاً عن هذا النهر في حزقيال ٤٧: ١-١٢. في رؤيا حزقيال تدفقت قطرات من المياه من الهيكل ونمت وصارت نهراً كبيراً إلى درجة لا يمكن عبوره. والمياه جلبت الحياة حيثما تدفقت، حتى إنها حولت مياه البحر الميت المالحة إلى مياه عذبة (قارن يوئيل ٣: ١٧-١٨). 

في الرؤيا ٢٢ يصبح نهر الحياة هذا أكثر غزارة. وهو يتدفق من عرش الله والخروف، تماماً في وسط أورشليم الجديدة، مشيراً إلى أن المصدر النهائي لكل الحياة والشفاء هو الله نفسه.

وفي رؤيا يوحنا، هذا المصدر الغني للحياة يروي شجرة الحياة التي هي على جانبَي النهر. وتنتج الشجرة وفرة من الفواكه لها تأثير قوي إلى درجة أن أوراقها تستخدم لشفاء الأمم.

عندما أخطأ آدم وحواء في جنة عدن، لعنهما الله وطردهما من الجنة، خصيصا لكي لا يتمكنا من الأكل من شجرة الحياة والعيش إلى الأبد. لكن عند عودة المسيح، سيروي نهر الحياة شجرة الحياة من جديد، وسيكون ثمر الشجرة في متناول جميع الأمم. وستُشفى كل البشرية المفدية. ولن يكون هناك خطيّة فيما بعد، أو مرض أو وباء. ولن تحدث الكوارث الطبيعية من جديد. وستضبط الأمم نفسها في البرّ والسلام. وستُظهر كل خليقة الله مجده بالكامل.

البركة الثانية النهائية التي سينالها شعب الله الأمين في السماوات الجديدة والأرض الجديدة هي أن العالم بكامله سيكون هيكلاً شاملاً لحضور الله.

2) الهيكل الشامل:

وضع الله في كل العهد القديم، أماكن مقدسة حيث يتجلى حضوره بطريقة ممّيزة. ويشير التكوين ٣: ٨ إلى أنه سار في جنة عدن مع آدم وحواء. وتشير مقاطع أخرى من الكتاب المقدس إلى أن ذلك حدث لكون الجنة قدسه أو هيكله.

على سبيل المثال، يخبرنا التكوين ٢: ١٥ أن آدم وُضع في الجنة ليعملها ويحفظها. والكلمة العبرية للعمل في هذا العدد هي عَبَد. والكلمة ليحفظها هي شَمَر. وهذا ملفت للنظر لأن في كتاب العدد ٣: ٨، استخدم موسى هذه الكلمات ليصف وظيفة الكهنة الذين خدموا في الهيكل. بكلمات أخرى، قام آدم وحواء بالعمل الكهنوتي في الجنة، وهذا يدلّ على أن الجنة هي قدس الله الأرضي.

بالإضافة إلى ذلك كان النهر والأشجار في هيكل حزقيال في الأيام الأخيرة في حزقيال ٤٧: ٧ تشبه إلى حد بعيد النهر في جنة عدن، بالإضافة إلى شجرة الحياة الموصوفة في التكوين ٢: ٩-١٠.

ويشير حزقيال ٢٨: ١٣-١٤ إلى جنة عدن كجبل الله، ويستخدمان اللغة نفسها التي استخدمها العالم القديم للإشارة إلى الجبال التي بُني على قممها هياكل.

وبعد أن كانت جنة عدن بمثابة قدسه الأرضي، أظهر الله حضوره الخاص في خيمة الاجتماع. ونقرأ عن ذلك في الخروج ٤٠: ٣٤-٣٨.

وبعد خيمة الاجتماع، بدأ الله يظهر حضوره الخاص في الهيكل، كما نقرأ في مقاطع مثل ١ ملوك ٨: ١٠-١١، و٢ أخبار ٧: ١-٣.

ويشرح العبرانيين ٨: ٥ أن الغاية الحقيقية من هذه الأقداس الأرضية هي أن تكون نسخاً عن بلاط الله السماوي، حيث حضوره المميز جلي دائماً. لكن في السماوات الجديدة والأرض الجديدة، لن يقتصر حضور الله على مساحة صغيرة مثل جنة أو مبنى منفرد. بل سيعلن الله حضوره المميّز في العالم بكامله. انظر كيف يصف يوحنا مدينة أورشليم الجديدة في الرؤيا ٢١: ٢٢-٢٣:

وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلاً، لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ الْقَادِرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ وَالْخَرُوفُ هَيْكَلُهَا. ‫وَالْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا.

يتطلع كتاب الرؤيا إلى زمن لا يكون هناك حاجة إلى هيكل في أورشليم الجديدة. وبدل ذلك سيُعلن الله حضوره الخاص في كل مكان. وهو سيبارك شعبه بسكناه بينهم، وتسير الأمم بنوره. وعندما يأتي ذلك الوقت، سيملأ مجد الله العالم تماماً كما تضيء الشمس اليوم في النهار. وكما نقرأ في الرؤيا ٢١: ٣:

هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْباً، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهاً لَهُمْ.

في السماوات الجديدة والأرض الجديدة، سيكون حضور الله المميّز مع كل شعبه، في العالم أجمع.

إن تجديد العالم يؤدي إلى وجود هذا الهيكل الشامل من نتيجة عمل يسوع المسيح. في الرؤيا ١، سار يسوع بين المناير السبع في البلاط السماوي، وهو يرمز إلى حضور الله بين الكنائس. لكن عند رجوع يسوع، سوف يثبّت ملكه الخاص على كل الخليقة، بحيث يصبح العالم كله هيكل الله، وسيتجلى حضوره المميّز في كل مكان.

البركة الثالثة النهائية التي ذكرها يوحنا، هي أن الله سيثبّت حكم يسوع المسيح الأرضي الأبدي كملك.

3) الحكم الأبدي:

يشير الرؤيا ٢١ و٢٢ إلى أن مركز الأرض الجديدة سيكون عاصمتها: أورشليم الجديدة. وفي وسط المدينة سيوجد عرش الله. ويرمز عرش الله إلى حُكمه كملك. وعند عودة يسوع سيتربع على عرش أورشليم الجديدة، ويَحكم العالم أجمع بالنيابة عن الآب.

ويُشير ١ أخبار الأيام ٢٩: ٢٣ إلى أن الملوك الذين من نسل داود اشتركوا في مجد الجلوس على العرش في أورشليم الأرضية. لكن الملك الداودي الأخير وحده، يسوع المسيح، سيتربع على عرش أورشليم الجديدة، ووحده ملكه أبدي. وكل المفديين سيحيون معه في الخليقة الجديدة، مقرّين بسلطانه وقدرته، ساجدين بطاعة أمام عرشه مقدّمين له الكرامة والمجد، وكما نقرأ في الرؤيا ٢٢: ٥ سيملكون معه في ملكه الأبدي.

مُلك المسيح في السماوات الجديدة والأرض الجديدة سيكون كاملاً تماماً. وهو سيوفّر كل ما يحتاجه شعبه. ولن يكون هناك أي خطية، أو فساد، أو مرض أو موت؛ لا شيء ينتقص من فرحنا. كل بركة من بركات عهد الله ستكون ملكنا إلى الأبد.

وكمؤمنين، يجب أن نتوق إلى المسيح ليملك في السماوات الجديدة والأرض الجديدة. ويجب أن نعيش في ولاء مخلص له الآن، حتى عندما نُجرّب ونُضطهد، عالمين أنه بعد أن نبقى أمناء، سنشترك في البركة الأعظم التي افتكر فيها الله لخليقته.

يوم 29

عن هذه الخطة

سفر الرؤيا

 يمكن لسفر الرؤيا أن يكون ممتعاً ومربكاً في نفس الوقت. فهو ممتع لأنه يسجل  رؤى دراميّة عن دور المسيح والكنيسة في تاريخ العالم. لكنه أيضاً مربكاً  لأني الصور المجازيّة الخاصة به غريبة جداً عن القرّاء المعاصرين. ورغم  ذلك، فإن الرسالة العامة واضحة: يسوع الملك سيعود بانتصار. 

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: 

http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/rev