أبونا إبراهيمعينة
اليوم 4: المواضيع الرئيسية: انكشاف
هناك أربعة مواضيع رئيسية تظهر في تكوين 12: 1-3.
1) النعمة الإلهية:
إن علاقة الله مع إبراهيم كانت مبنية على نعمة الله. تظهر النعمة الإلهيّة بطريقة ضمنية في الكلمات الافتتاحية من تكوين 12: 1. ذكَّرت هذه الكلمات البسيطة قرّاء موسى الأصليين بأن علاقة إبراهيم بالله نشأت لأن الله دخل حياة إبراهيم قبل أن يخدم إبراهيم الله في أي عمل ما بوقت طويل.
جاءت دعوة إبراهيم في وقت مبكر جداً من حياته كبالغ. فهو لم يكن قد ذهب إلى كنعان بعد، ولم يهزم الأعداء، ولم يلتزم بأمانة العهد، ولم يصلي من أجل الأبرار في سدوم وعمورة، ولم ينجح في أي امتحان للإيمان. بل على العكس، دعا الله إبراهيم ليكون خادمه الخاص فقط لأنه يُسِرّ الله أن يكون كريماً مع إبراهيم. كما بيّن الرسول بولس في رسالة رومية 4: 3 ورسالة غلاطية 3: 6، تشير حقيقة أن الله حَسِبَ لإبراهيم برّه، بأن هذا العمل كان عمل رحمة وليس مكافأة على أعمال صالحة. وقد حصل إبراهيم على بركات أخرى كثيرة من الله من خلال النعمة الإلهية والرحمة.
2) ولاء إبراهيم:
لم يختر الله إبراهيم للحصول على رحمته فحسب، إلا أنه أظهر رحمةً لرئيس الآباء حتى يستجيب إبراهيم بطاعة مخلصة. تشدد صيغة الأمر الأولى في تكوين 12: 1 على مسؤولية إبراهيم ليكون مخلصاً للرب بطريقة معيّنة. حيث أمره الله "اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ" (تكوين 12: 1).
لقد كان علي إبراهيم أن يترك عشيرته وأرضه وبيت أبيه وراءه ليذهب إلى مكان مجهول بالنسبة له. نعم، لقد أظهر الله رحمة نحو إبراهيم، لكن كان على إبراهيم أن يُظهر خدمة راسخةً ومخلصة لله. طلب الله الولاء من رئيس الآباء مرات عديدة. وكان على إبراهيم أن يكون مخلصاً لله في كل الظروف. ولعل المثال الأكثر إثارة لوقت طُلِب فيه من إبراهيم أن يُظهر ولاءه لله، موجود في تكوين 22، وهو وقتٌ أمر فيه الله رئيس الآباء أن يقدم ابنه إسحاق ذبيحة ليبرهن أنه يحب الله أكثر من ابنه. سيكون من الصعب أن نتخيل وجود مطلب أعظم من هذا من الله.
كان على إبراهيم أن يذهب إلى الأرض التي سيريها الله له وأن يسكن في أرض الموعد. يظهر هذا الموضوع عدة مرات في قصص رئيس الآباء. وكان مهماً من أجل خطة الله الأكبر لإبراهيم وأحفاده، أن يذهب رئيس الآباء إلى أرض الموعد. وعندما نتذكر أن موسى كتب هذه القصص عن إبراهيم من أجل بني إسرائيل الذين كان هو يقودهم نحو أرض الموعد، فإننا لن نُصاب بالدهشة من رؤية هذا التركيز.
نفهم، كأتباع المسيح، أنه على الرغم من أن الخلاص عطية مجانية لنعمة الله، إلا أن الله يتوقع منا أن نُظهر شكرنا له بأن نبذل أقصى جهدنا لطاعة وصاياه. وقد فهم موسى هذا المبدأ أيضاً. فقد عرف أن نعمة الله لإبراهيم أدتّ إلى ولاء إبراهيم لله. ولهذا السبب، سنجد أن متطلبات الولاء تظهر عدة مرات أثناء دراستنا لحياة إبراهيم. فقد عَلِمَ موسى شيئاً عن بني إسرائيل قرّائه الأصليين. أنهم كانوا ميّالين لنسيان أهمية العيش بإخلاص أمام الله. فرُغم أن الله كان قد أظهر لهم رحمةً عظيمةً عندما أخرجهم من مِصر وساندهم في البرية، إلا أنهم تحولوا عن وصايا الله. ولهذا السبب، يُعتَبَر ولاء إبراهيم لله من أحد المواضيع الرئيسية في قصص إبراهيم. ويظهر هذا الموضوع كثيراً لأننا بحاجة للدافع نحو خدمة الله بطاعةٍ مخلصةٍ، كما كان قرّاء موسى الأصليين بحاجة إليه أيضاً.
3) بركات لإبراهيم: منح الله ثلاث بركات لرئيس الآباء (تكوين 12: 2).
أولاً، قال الله أن إبراهيم سيصبح أمّة عظيمة. حيث ستنمو ذرّيته لدرجةٍ لا يمكن إحصاؤها، وسيصبح أحفاده إمبراطورية، أي دولة كبرى. وكان إبراهيم والذين معه قليلي العدد نسبياً في ذلك الوقت. ولم يكن لإبراهيم أولاد بعد. إلا أن الله وعد أن يصبح عدد أحفاد إبراهيم أكثر من نجوم السماء.
ثانياً، قال الله لإبراهيم أنه سيباركه. وتعني هذه العبارة، على الأرجح، أن إبراهيم وأحفاده سيحصلون على بركة الازدهار الهائل. ويعيشون في ثراء ورخاء. ولن يكونوا تائهين في الأرض ولا مجرد مستوطنين. وعندما يبرهن إبراهيم وأحفاده أنهم مخلصين، فإنهم سيتمتعون بالازدهار العظيم.
وثالثاً، شملت عطية بركات الله مَنْحُ إبراهيم اسمٌ عظيمٌ. هذا يعني، إذا ذهب إبراهيم إلى أرض الموعد وخدم الله بإخلاص، فإن الازدهار والأعداد الكبيرة لأحفاده سيجعله ويجعلهم مكرّمين في جميع أنحاء العالم. وسوف يتمتع رئيس الآباء وأحفاده المخلِصين بمجد عظيم. وبالنسبة لبني إسرائيل الذين سمعوا هذه القصص، أعطتهم بركات إبراهيم رجاءً عظيماً بالنسبة لبركاتهم المستقبلية. وكانت عطايا الأحفاد، الازدهار، والسمعة الكبيرة التي حصل عليها رئيس الآباء، مجرد إنذارات لعطايا أعظم سيعطيها الله لأحفاد إبراهيم المخلصين.
كمسيحيين، نلنا بركات كثيرة من الله لدرجةِ أننا لا نستطيع ذكرها كلها. وبالطبع، حصل بنو إسرائيل الذين تبعوا موسى باتجاه أرض الموعد على بركات لا تُحصى أيضاً. فقد تحرروا من العبودية، ازدادت أعدادهم، اختبروا الحماية والقوة أثناء رحلتهم، وكانوا في طريقهم إلى أرض الموعد، أرض البركة الكبيرة في المستقبل. لكن كان بنو إسرائيل مثلنا، ميالين إلى نسيان كل ما فعله الله لأجلِهِم وما كان يُعدَّه لهم. ولهذا كتب موسى عن بركاتِ الله لإبراهيم ليذكّرهم ببركات الله في حياتِهِم حتى تمتلئ قلوبهم بالشكر.
4) بركات من خلال إبراهيم:
أوضحت كلمات تكوين 12: 2-3 بأن إبراهيم لن يحصل على البركات فحسب، لكن سوف تتبارك فيه جميع قبائل الأرض. ولم يوجه الله الدعوة لإبراهيم للذهاب إلى أرض الموعد لكي يُغني حياته وحياة أحفاده، بل دعاه ليكون قناة للبركات الإلهية لجميع قبائل الأرض. مهم أن نتذكر أن هذه الفقرة تعلّمنا أن بركات إبراهيم العالمية ستتحقق بطريقتين.
سيكون إبراهيم، بحسب عدد 3، بمثابة سيف ذو حدّين بين بني البشر. ولأن الله فضَّل إبراهيم، فعندما تُبارك شعوب الأمم الأخرى إبراهيم، أي عندما يكرّمون إبراهيم فإنهم يكرّمون الإله الذي يخدمه إبراهيم. لكن عندما كانت شعوب الأمم الأخرى تلعن إبراهيم أو تهاجمه وبالتالي تحتقر إله إبراهيم، كان الله يعاقبهم. لقد كان مصير الشعوب الأخرى معتمد على طريقة معاملتهم لإبراهيم.
في كثير من الأحيان نتمتع ببركة الخلاص والحياة من الله، لكننا ننسى لماذا أعطانا الله هذه البركات. إن كل بركة أعطاها الله لبني إسرائيل تحت قيادة موسى، وكل بركة يعطيها الله لكنيسته اليوم، مُعدّة لأجل هدفٍ أعظم. لقد باركنا الله لكي ننشر بركاته في كل أرجاء العالم. فقد دعا الله إبراهيم لنفسهِ، لكي يقود إبراهيم أممَ العالم إلى بركاتِ الله. كما دعا الله بني إسرائيل لنفسهِ في زمنِ موسى لكي يقودوا شعوب العالم إلى بركاتِ الله. كذلك دعا الله الكنيسة لنفسهِ اليوم لكي تقود شعوب العالم إلى بركاتِ الله.
الكلمة
عن هذه الخطة
ينظر المسيحيون، والمسلمون، واليهود جميعا إلى أبونا إبراهيم كأب لمعتقداتهم. ولكن تستخلص هذه الديانات استنتاجات مختلفة جدا حول سيرته الذاتية. تبحث هذه الخطة في قصة حياة إبراهيم في سفر التكوين من وجهة نظر مسيحية واضحة من أجل الإجابة على أسئلة مثل: ماذا تعني هذه الأسئلة لأولئك الذين تسلموها أولاً؟ وماذا تعني لنا نحن اليوم؟ نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر لتكوين 12–25. كما شرح كيف خدمت حياة إبراهيم كنموذج لإسرائيل في أيام موسى.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: