يوجد رجاءعينة
الرّجاء أمام المخاوف
حين كلّم الله يشوع، لا شَكَّ في أنَّه تَذَكَّر ما حدثَ عندما وَقَفَ شعبُ اللهِ القديمُ على حدودِ أرضِ الآباءِ قبلَ نحوِ أربعينَ سنةً. فقد قَطَعَ اللهُ لهُم وَعْدًا، ولكنَّ ضَخامَةَ التَّحَدِّي شَلَّتْهُم. فليس جبابرةُ تلك الأرضِ هُمُ الَّذين أَحبَطُوهُم، بلِ الفَزَع. ولِلحَيلُولةِ دونَ وقوعِ الجيلِ الجديدِ في الخطأ نفسِه، كان يَشوعُ مُطالَبًا بإظهارِ القُوَّةِ والشَّجاعة. وكان هذا يعني أن يكونَ هو نفسُه مُقتَنِعًا بأنَّ الله سَيُمَكِّنُهم مِن مواجهةِ التَّحَدِّي. وكانت لدى اللهِ الكلماتُ المناسِبةُ لِقائدِ الشَّعبِ الجديد: تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ.... إِنَّمَا كُنْ مُتَشَدِّدًا، وَتَشَجَّعْ جِدًّا.... أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ! يَشوع 1: 6-7، 9.
هذا هو جوهرُ الكلامِ الحَماسِيِّ الَّذي قالَهُ اللهُ ليَشوع. فهو يُخبِرُهُ ثلاثَ مَرَّاتٍ بأن يَتَشَدَّدَ ويَتَشَجَّع. والكلمةُ "تَشَدَّدْ" تَعني: كُنْ عَاقِدَ العَزْمِ، وثابتًا، ولا تَتَزعزَعْ بِسُهولة. فالشَّجاعةُ تَعني أيضًا الجَسارَةَ والاِستعدادَ لِمُواجهةِ الأخطار. هناك قُوَّةٌ مُحَرِّرةٌ في معرفةِ ما ينبغي لنا القيامُ به. وكُلَّما زاد تركيزُك على إلقاءِ رجائِكَ على قَصْدِ اللهِ لحياتِك، زادَتْ قُدرتُكَ على إلْحاقِ الهزيمةِ بمخاوفِك.
وقد بَرْهَنَ يَشوعُ على أنَّه يَمْلِكُ القوَّةَ الدَّاخليَّةَ المطلوبة. فنحن نراها فيه عندما عاد الجواسيسُ وقَدَّمَ عَشَرَةٌ منهم تقريرًا عَبَّروا فيه عن خوفِهمِ الشَّديدِ مِن أولئك العمالقةِ الَّذين لا يُقْهَرون. فقد أَبْدَى رَجُلان فقط، هما يَشوع وكالِب، الاستعدادَ للتَّمَسُّكِ بِوُعودِ اللهِ والتَّقَدُمِ على الرُّغمِ مِنَ العقبات. أمَّا العَشَرةُ الباقون فأصَرُّوا على القَول: "لاَ نَقْدِرْ أَنْ نَصْعَدَ إِلَى الشَّعْبِ، لأَنَّهُمْ أَشَدُّ مِنَّا" (العَدَد 13: 31). وقد نَجَحَتْ تلك القصصُ المُرعبةُ الَّتي سَرَدُوها في طَمْسِ الدَّعوةِ إلى التَّحَلِّي بالشَّجاعة.
عندما نُواجِهُ موقفًا مُشابهًا، إمَّا نُرَكِّزَ على المشكلة، وإمَّا نُرَكِّزَ على الحَلّ. وقد صار عَشَرةُ رجالٍ كالجَرادِ في أعيُنِ أنفسِهم لأنَّهم استَسلمُوا لخوفِهم. أمَّا الرَّجُلانِ الآخَرانِ فَرَكَّزا على اللهِ وقُدرتِه. وقد تَحَدَّثَ عَشَرةٌ مِنهم عن ضخامةِ العَدُوِّ؛ في حينَ أنَّ الرَّجُلَيْن الآخَرَيْن تَحَدَّثَا عن قُدرةِ إلَهِهِمَا.
أحيانًا لا تَفهَمُ الأغلبيَّةُ تلك الحقيقة. فالحكمةُ الإلهيَّةُ توجَدُ غالبًا في الطَّريقِ الضَّيِّقِ الَّذي تَسْلُكُهُ الأقلّيَّة، لا في الطَّريقِ الرَّحبِ الَّذي تَسْلُكُهُ الأغلبيَّة. والقيادةُ تَعني ما هو أكثرُ بكثيرٍ مِنْ مُجَرَّدِ معرفةِ اتِّجاهِ هُبوبِ الرِّيح. فهي تَتَطَلَّبُ غالبًا الوقوفَ بثباتٍ في وجهِ التَّيَّارِ الَّذي يحاولُ أن يَدفَعَكَ بالاتِّجاهِ الآخَر.
وتُوَضِّحُ قصيدة پول لورنس دَنبار هذه النُّقطة:
الأقَلِّياتُ مُنذُ فَجْرِ التَّاريخ تُظْهِرُ الجَانِبَ الأفضَلَ مِنَ الإنسان؛
وغالبًا مَا نَرى في لَوائِحِ الزَّمانِ أنَّ إنسانًا وَاحِدًا نَجَحَ في جَعْلِ قَضِيَّةٍ مَا عَديمةَ النِّسْيان!
صلاة
يا سيِّدي وإلهي، فيما العالم من حولي يُضيّق عليّ من كلِّ جانب، أنتَ تقول لي: "تشدَّد وتشجَّع... أما أمرتك؟ تشدَّد وتشجَّع." ها أنا يا سيِّدي، اذكرني وتعهَّدني فأحيا لك وأخدمك فيتلاشى كلُّ خوف أمام عظمة عملك. لك كلّ المجد، آمين.
حقوق الطبع © محفوظة لدار منهل الحياة. لمزيد من الموارد، أو لشراء كتاب "لنا رجاء" للدكتور ديڤيد جيريمايا، الذي اقتبسنا منه هذه التأملات، بامكانك أن تزور موقعنا على https://darmanhal.org/
عن هذه الخطة
الرَّجاء الَّذي يَتحدَّث عنه الكتاب المُقدَّس ليس مُجرَّد أمنياتٍ، وليس اتِّكالًا على الحَظّ، ولا تفاؤلًا في غير مَحَلِّه. كَلاَّ، بل هو إيمانٌ راسخٌ في شخصِ الله. في هذه السلسلة من التأملات المقتبسة من كتاب "لنا رجاء" للدكتور ديڤيد جيريمايا، سنتأمّل في ثلاث نقاط تطبيقيّة عمليَّة للرّجاء في حياتنا.
More
نود أن نشكر Dar Manhal al Hayat على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: https://darmanhal.org/