سفر أعمال الرسلعينة
اليوم 12: الخلفية اللاهوتية (إنجيل لوقا)
عند قراءتنا لسفر أعمال الرسل، يجب أن نتذكر دائماً أن هذا السفر هو المجلّد الثاني من المجلّدات التي كتبها لوقا لثاوفيلس. وقد قصد لوقا أن يتم قراءة هذين السفرين معاً. وشكّل الإنجيل الجزء الأول من القصة وسفر أعمال الرسل الجزء الثاني منها. وهكذا، حتى نقرأ سفر أعمال الرسل بشكل صحيح، علينا أن نفهم أنه يكمّل القصة التي بدأت في الإنجيل.
هناك عدة طرق يجهّزنا بها إنجيل لوقا لفهم رسالة سفر أعمال الرسل. ولكن من أجل أهدافنا سنركز على موضوع ملكوت الله الذي يمتد على كلا المجلّدين. فقد أسس يسوع، في إنجيل لوقا، النموذج أو الهدف من ملكوت الله وأعّد رسله لإكمال عمله بعد صعوده. وفي سفر أعمال الرسل صعد يسوع إلى السماوات وترك رسله مسؤولين عن نشر ملكوته من خلال الإنجيل وبمساعدة الروح القدس.
1) يسوع:
وصف لوقا يسوع في إنجيله، بالنبي الذي أعلن مجيء ملكوت الله، والملك الذي يُقوي الملكوت بالصعود إلى عرشه. وتحدث يسوع نفسه عن هذه الأفكار في عدة أماكن. لكن للتوضيح، سنعرض مرتين فقط ذكرها يسوع في خدمته العامة. فمن ناحية تكلم يسوع في لوقا 4: 43 بهذه الكلمات في بداية خدمته العامة:
يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ ... بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهذَا قَدْ أُرْسِلْتُ. (لوقا 4: 43)
ومن الناحية الأخرى، في نهاية خدمته العامة، وقبل دخوله المُنتصِر إلى أورشليم، حيث بُشِّرَ به كملك، حكى يسوع مَثَل الوزنات العشر في لوقا 19: 12-27. حيث شرح كيف أن الملكوت سيأتي ببطء. وقد أَمِلَ معظم اليهود في يومه بملكوت كامل يأتي سريعاً. لكنّ يسوع علّم أنه سيأتي بالملكوت ببطء وعلى مراحل. لقد بدأ يسوع إنشاء الملكوت، لكنه سيغيب لفترة طويلة ليتم تتويجه ملكاً، وسوف يُكمِل ملكوته عندما يعود (لوقا 19: 11-12).
كان يسوع على وشك الدخول إلى أورشليم ليُعلَن ملكاً، لكنه لم يُرِد أن يظن الناس أنه سينصِّبُ نفسه ملكاً أرضياً في تلك الأيام. بدلاً من ذلك كان سيرحل لمدة طويلة، حتى يحصل على مُلكِه، ثم سيعود ليحكم ملكوته على الأرض في المستقبل.
وهذا ما حدث تماماً. لقد قُبِضَ على يسوع في أورشليم وتم صلبه. ثم قام من الأموات وصعد إلى السماء حيث تسلَّم مُلكه من الآب. وينبغي أن يعود ليكمّل ملكوته.
2) الرسل:
طلب يسوع من رسله، في الليلة السابقة لصلبه، أن يكملوا عمله في نشر الملكوت (لوقا 22:29 -30). عيّن يسوع رسله كقادةٍ وقضاةٍ في ملكوته. وكانت وظيفتهم، معتمدةً على الروح القدس، ليكملوا من حيث انتهى، في إعلان ونشر إنجيل الملكوت ليشمل العالم كله.
وهكذا، نُدرك أن إنجيل لوقا أكّد أن تأسيس الملكوت هو مهمة يسوع الأساسية، وأنه كلف الرسل بإكمال مهمته بعد صعوده إلى السماء.
يبدأ سفر أعمال الرسل حيث انتهى إنجيل لوقا. حيث يبدأ بشرح لوقا أن يسوع أمضى وقتاً مع الرسل بعد قيامته وقبل صعوده إلى السماء ليعلّمهم (أعمال الرسل 1: 3-8).
شجع يسوع أتباعه، مرة أخرى، حتى لا يبحثوا عن إكمال فوري للملكوت. بدلاً من هذا، أكد أن الرسل سيكونوا مسؤولين عن إتمام مهمته بإعلان الإنجيل للعالم أجمع.
وهذا ما فعله الرسل في سفر أعمال الرسل. فقد بنوا الكنيسة كالشكل الحالي لملكوت الله. وأوصلوا بشارة الملكوت إلى شعوبٍ وأراضٍ جديدة، ونشروها من أورشليم، إلى اليهودية، السامرة، وإلى أقصى الأرض (أعمال الرسل 28: 30-31).
لاحظ أنه بدلاً من القول إن بولس كرز "بالإنجيل"، قال لوقا أن بولس كرز بملكوت الله. وينتهي سفر أعمال الرسل مثلما بدأ، مشدداً على دور الرسل في نشر ملكوت الله على الأرض من خلال إعلانهم عنه.
عن هذه الخطة
إن سفر أعمال الرسل هو المجلد المصاحب لإنجيل لوقا. فهو يسجل تأسيس الكنيسة الأولى تحت قيادة الرسل، ونشاط ونمو الكنيسة خلال منتصف القرن الأول. في الكنيسة المعاصرة غالبا ما يلجأ المسيحيون إلى سفر أعمال الرسل للتعرف على المسائل المتعلقة بالمواهب الكاريزماتية وللتحقيق في أمور مختلفة تتعلق بإدارة الكنيسة وسلطانها. ويتحدث سفر أعمال الرسل عن هذه الأمور بالتأكيد. ولكن ماذا كانت الفكرة الرئيسية للوقا حين كتب هذا السفر؟ ما هي الصورة الأكبر التي حاول أن يقدمها للقرّاء لفهم هذه الأمور الثانوية؟ ما هو الأمر الرئيسي الذي أراد أنه يتعلمه قرّاءه وأن يفعلوه؟ في هذه الخطة نتعرّف على عرض خلفية سفر أعمال الرسل ورسالته الرئيسية. كذلك نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر لسفر أعمال الرسل.
More
نود أن نشكر وزراء الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع:
http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/ac