رسائل بولس في السجن: بولس وفليمونعينة
اليوم 04: المشكلة - فليمون 11-18
ليس سرّاً أنَّ بعض العمال ليسوا عمالاً جيدين، وأنَّ بعض الخدم ليسوا خدماً جيدين، وأنَّ بعض الأشخاص يرفضون تحمّل مسؤولياتهم والوفاء بالتزاماتهم. ويبدو للأسف أنَّ أنسيمس كان أحد هؤلاء الأشخاص. أنَّ إخفاقه وتقصيره – سواء أكان بسبب الكسل أو الإهمال أو المكر – قد أغضب سيده فليمون كثيراً لدرجة أنَّ أنسيمس خاف خوفاً شديداً من عقاب فليمون له. ولذا، هرب أنسيمس من بيت فليمون كي يتجنب هذا العقاب. لنصغِ إلى كلمات بولس إلى فليمون عن أنسيمس في الآية 11:
الَّذِي كَانَ قَبْلاً غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ ... (فليمون 11)
نرى هنا تلاعباً بالكلمات. إنَّ اسم "أنسيمس" مشتق بالحقيقة من كلمة يونانية تعني "نافع" أو "مفيد". لكن بولس يقول أنَّ أنسيمس برهن على أنه لم يكن نافعاً. بهذا التلاعب بالكلمات وافق بولس مع فليمون على أنَّ أنسيمس لم يكن حقيقة نافعاً أو مفيداً كعبد. والأسوأ من هذا، وبحسب فليمون الآية 18، سبب أنسيمس خسارة كبيرة لفليمون. لنصغِ إلى كلمات بولس:
ثُمَّ إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ بِشَيْءٍ، أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاحْسِبْ ذلِكَ عَلَيَّ. (فليمون 18)
يعتبر كثير من المفسرين أنَّ هذه الآية تعني ضمناً أنَّ أنسيمس كان قد سرق بعض الأشياء من فليمون. وكانت السرقة تعتبر جريمة شائعة بين العبيد الذين يقومون بالأعمال المنزلية. لكن من المحتمل أيضاً أنَّ أنسيمس كان قد ألحق خسائر أخرى بفليمون بطرق أخرى، مثل إدارته السيئة لموارد البيت، أو خراب وخسارة الممتلكات.
على كل حال، كان من حق فليمون أن يغضب، وربما كان لأنسيمس سبب جيد ليخاف من فليمون. بموجب القانون الروماني، كان يحق للأسياد أن يعاقبوا عبيدهم بقساوة، حتى بالضرب المبرّح. كان أنسيمس خائفاً وقلقاً جداً من غضب فليمون لدرجة أنه هرب بخوف. لمّح بولس إلى هذا الظرف في فليمون الآية 15 عندما كتب الكلمات التالية:
لأَنَّهُ رُبَّمَا لأَجْلِ هذَا افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ إِلَى الأَبَدِ. (فليمون 15)
من الواضح، أنَّ فليمون لم يكن يقصد أن يغادره أنسيمس، وربما أنه لم يكن ليوافق على مغادرته المنزل. لكن بولس يشير إلى أنه كان لدى الله سبب إيجابي للسماح بحصول هذه الحادثة حيث أنه غيَّر الله أنسيمس بسبب هذا الافتراق، فأصبح أنسيمس نافعاً ومفيداً لفليمون.
في الإمبراطورية الرومانية، لم يكن العبيد الذين كانوا يهربون من بيوت أسيادهم بهذه الطريقة يُعتبرون بالضرورة فارين من العدالة. فإن هربوا بدون أن يكون هدفهم العودة، فإنهم كانوا يعتبرون فارين من العدالة. لكن القانون كان يسمح للعبيد أن يغادروا بيوت أسيادهم مؤقتاً كي يفتشوا عن نصير أو وسيط يمكنه أن يصالحهم مع أسيادهم. وقد سجّل هذه الحقيقة العديد من الفقهاء الرومان. مثال على ذلك، فيفيانس، الذي امتدت كتاباته ما بين العام 98-117م، ناقش هذا الموضوع كالتالي:
إذا ترك عبد سيده ورجع إلى والدته، فإن مسألة كونه فاراً من العدالة قضية تستحق التفكير. فإذا هرب ليخفي نفسه بدون أن يعود إلى سيده، فهو فار من العدالة. لكن لن يعتبـر فاراً من العدالة إذا كان سعى إلى تخفيف الخطأ الذي ارتكبه من خلال التماس مساعدة والدته.
وبطريقة مشابهة، قال بروكيولوس، الذي كان يكتب في بداية القرن الأول:
العبد ليس فاراً من العدالة إذا ما افـتكر أنَّ سيده يريد معاقبـته جسدياً، فذهب إلى صديـق له ليقنعه أن يدافع عنه.
وقدّم لنا بولوس التفسير التالي في نهاية القرن الثاني:
العبد الذي يذهب إلى صديق سيده ليطلب شفاعته ليس فاراً من العدالة.
هذه الملاحظات القانونية تبيّن أنَّ القانون الروماني سمح للعبيد أن يتركوا أسيادهم طالما أنهم هربوا لطلب المساعدة من شخص آخر وليس لنيل حريتهم. إذاً، إن كان أنسيمس قد هرب ليطلب من بولس أن يكون نصيره ووسيطاً بينه وبين فليمون، فهو لم يكن فاراً من العدالة.
الكلمة
عن هذه الخطة
كتب بولس لفليمون لطلب خدمة، سائلا فليمون أن يتصالح مع أنيسمس
More
نود أن نشكر وزارات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org