أعطانا الله أنبياء - تحليلات أدبيّة للنبوّةعينة
اليوم 03: صلوات الرثاء – حبقوق 2
مما يؤسف له، أن كثيرين من المسيحيين اليوم لا يألفون هذا النموذج من الصلوات التي ندعوها "صلوات الرثاء." صلوات الرثاء هي تلك التي تأتي بخيبة الأمل والأحزان والارتباكات أمام الرب. فقد قدم الأنبياء ارتباكاتهم وخيبة أملهم وأحزانهم للرب في الصلاة. وتظهر صلوات الرثاء، بصفة عامة، في كثير من كتب الأنبياء، لكنها تظهر بصورة مكثفة في أسفار الأنبياء: إرميا، مراثي أرميا، وحبقوق. وفي الحقيقة، فإن حجّي هو السفر الوحيد بين أسفار الأنبياء الذي لا يتضمن نصّاً يمكن أن يقال إنه على الأقل قريب من لغة الرثاء.
أعرب الأنبياء عن انزعاجاتهم للرب من خلال المراثي، لأنهم واجهوا أردأ الأزمنة في تاريخ شعب الله. وهم عادة قدموا مراثيهم بسبب أمرين مختلفين: أولاً، خطايا شعب الله؛ وثانياً، إدانة الله ضد الخطية. ومن أفضل الطرق لتوضيح هذين الأمرين من المراثي النبوية، هو أن نفحص المراثي المتضمنة في سفر حبقّوق. وقد خدم حبقّوق في يهوذا قبيل الأزمة البابلية وفي أثنائها. ولهذا السبب، تكلم حبقّوق إلى الرب عن مشكلتين كبيرتين. من ناحية، في الإصحاح الأول (حب 1: 2–4)، رثا بخصوص خطايا إسرائيل والطريقة التي بها تمرد بنو إسرائيل ضد الله. ثم بعد ذلك، في بقية الإصحاح الأول، أظهر في رثائه دينونة الله الرهيبة متمثلة في هجمات البابليين.
استهل حبقّوق سفره بالحديث عن خطايا شعب الله والصراخ إلى الله. ونحن نقرأ في حبقوق 1: 2 هذه الكلمات:
"حَتَّى مَتَى يَا رَبُّ أَدْعُو وَأَنْتَ لاَ تَسْمَعُ؟ أَصْرُخُ إِلَيْكَ مِنَ الظُّلْمِ وَأَنْتَ لاَ تُخَلِّصُ؟" (حبقوق 1: 2)
كان قلب حبقّوق مملوءاً بالأسى العميق بسبب حالة يهوذا الأخلاقية. فنحن نقرأ أيضاً في حبقوق 1: 4:
"لِذلِكَ جَمَدَتِ الشَّرِيعَةُ وَلاَ يَخْرُجُ الْحُكْمُ بَتَّةً، لأَنَّ الشِّرِّيرَ يُحِيطُ بِالصِّدِّيقِ، فَلِذلِكَ يَخْرُجُ الْحُكْمُ مُعْوَجًّا". (حبقوق 1: 4)
هذه الصلاة الافتتاحية لحبقّوق توضح إحدى الطرق الرئيسية التي بها عبر الأنبياء عما بقلوبهم للرب. فعندما رأوا ألم شعب الله ومعاناتهم، لم يكن بوسعهم عمل أي شيء غير صراخهم هم أنفسهم بالمراثي ودعوة الآخرين ليشتركوا معهم في صراخهم هذا.
وحالما أجرى الله الدينونة، نظر حبقّوق إلى الموقف من جديد، برغم ذلك، وتكلم رافعاً إلى الرب إلهه نوعاً رئيسيّاً ثانياً من المراثي نجده في الأنبياء، المراثي ضد دينونة الله. يقول حبقّوق في 1: 13 هذه الكلمات:
" عَيْنَاكَ أَطْهَرُ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ، وَلاَ تَسْتَطِيعُ النَّظَرَ إِلَى الْجَوْرِ، فَلِمَ تَنْظُرُ إِلَى النَّاهِبِينَ، وَتَصْمُتُ حِينَ يَبْلَعُ الشِّرِّيرُ مَنْ هُوَ أَبَرُّ مِنْهُ؟" (حبقوق 1: 13)
لقد أجبرت الآلام والأوجاع تحت المظالم الأجنبية حبقّوق، أن يصرخ إلى الله بمرثاة عميقة.
وفي استجابة لصرخة حبقّوق، أخبره الله في (2: 2–20)، أنه في يوم ما سوف يعاقب البابليين بسبب ظلمهم.
الكلمة
عن هذه الخطة
إن النبوة مثيرة ومحبطة على حد سواء. معظم المسيحيين مفتونون بالنبوات الكتابية، ولكنهم في حيرة عندما يتعلق الأمر بفهمهم لها. وغالبا ما نتجاهل هذا الجزء من الكتاب المقدس لسبب شعورنا بالربكة بسبب تاريخه وقالبه الأدبي المعقد. لكن لم يعطنا الله النبوة لكي نتجاهلها. فالنبوة في غاية الأهمية لنا حين نفسرها بشكل صحيح. حين نفهم دوافع وأساليب الأنبياء نكون على استعداد أفضل كي نكتشف أهمية كلامهم لنا.
More
ود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع http://thirdmill.org