لكي لا ينهار القادةعينة

اجعَلِ التعليم أولويَّة وفوّض عبء العمل

كان يثرون رجُلاً حكيمًا. فبلُطفٍ لكنْ بحزم، قال لموسى: "بُنيَّ، سأقول لك ما أعتقد أنَّه قد يُفيدُك أكثر. ولكنْ ليُعطِكَ الله الحكمة كي تفعل ما هو صائب." ثُمَّ قدَّم إلى موسى نصيحتَين.

"كُنْ أَنْتَ لِلشَّعْبِ أَمَامَ اللهِ، وَقَدِّمْ أَنْتَ الدَّعَاوِيَ إِلَى اللهِ، وَعَلِّمْهُمُ الْفَرَائِضَ وَالشَّرَائِعَ، وَعَرِّفْهُمُ الطَّرِيقَ الَّذِي يَسْلُكُونَهُ، وَالْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُونَهُ" (ع 19 و20). بكلماتٍ أُخرى، "يا موسى، لديك خِدمةُ تعليم. فعندَما تخدم، اشرح خُطَّة الله ومشيئته. دعِ الناس يعلموا ما تتناوله كلِمةُ الله بكاملها، حتَّى يسمعوا ويتشرَّبوا تلك الحقائقَ الروحيَّة. لا تُرغِمْهم جميعًا على الانتظار في صفٍّ طويل ليسمعوا ذلك منك كلٌّ على حِدَة. إنَّهم كثيرون جدًّا. فعلِّمهم كجماعة."

بمعنًى عمليّ، يُشكِّل الإرشاد واحدةً من مهامِّ القائد الرُّوحيِّ الفعَّال. ولكنْ ألا يحصل الإرشاد حين تُعلَّم كلمة الله؟ عندما يَفتح الكتابَ المقدَّسَ رجُلٌ مملوءٌ بالروح القدس وحسَنُ التدرُّب ويُعلِن الحقائق من ذلك النَّصِّ الأبديِّ، فأنا مُقتنِع بأنَّ النَّاس يتلقَّون الإرشاد من الله. ويقول لنا سِفرُ العبرانيِّين إنَّ "كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ" (عبرانيِّين 4: 12).

إنَّك تحصل على مَشورة صالحة من كلمة الله. ثُمَّ تستمرُّ تلك المشورة وتتأيَّد وتتقوَّى حين تُحاط خدمة القيادة أو المنبر بالخدمات التي يُقدِّمها ويُوجِّهها عاملون إضافيُّون. وما رأيتُ قطُّ هذه الحقيقة تخيب: عندما يورِّط واعظٌ نفسه في التفاصيل الإداريَّة ومُستنقَع الأعمال الثانويَّة (مهما كانت مُهمَّة)، تتضرَّر خدمتُه ويتعرّض للاستنزاف من جرَّائها. صحيح أنَّ هذه الأُمور يجب أن يقوم بها أشخاص مؤهَّلون. ولكنْ لا يمكن أن يقوم بها شخصٌ واحد. ذلك هو أوَّل درس كان موسى بحاجة إلى تعلُّمه. ثُمَّ الدرس الثاني يُطبِّقُ الأوَّل: فوِّض عِبءَ العمَل.

التطبيق

تمعّن في هذه المشورة العظيمة التي قدّمها يثرون لموسى. هل أنتَ تقوم بكلّ شيء بمفردك؟ ما هي المهام الثانويَّة التي بإمكانك التخلّي عنها؟ كيف بإمكانك أن تُعلّم آخرين وتدرّبهم ليصبحوا مؤهّلين ليعملوا معك في إنجاز المهام؟ كلِّف آخرين جُزءًا من الحِمل!