لكي لا ينهار القادةعينة

أُذُن صاغية

بعد التأمُّلٌ في نصيحة يثرون، لنفكِّر الآن كيف قبِلَها موسى؟ الإجابة تُقدّم لنا أخبارًا طيِّبة فعلاً: "فَسَمِعَ مُوسَى لِصَوْتِ حَمِيهِ وَفَعَلَ كُلَّ مَا قَالَ" (ع 24). أفي وسعك أن تُصدِّق ذلك؟ إنَّ أسهُمَ موسى ترتفع في سجلّاتي نحوَ عشرِ نقاط، بل اثنتَي عشرة نقطة، هُنا تمامًا. لقد قال حموه: "اسمعْ لي، يا موسى"، فسمِعَ له. وقال له: "افعلْ هذا، يا موسى"، ففعل. ولذلك، قبلما دُفِنَ موسى، يقول سِجِلُّ الوحي عنه إنَّه كان "حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ" (سِفر العدد 12: 3). فما من رجُل عظيم لدرجة تمنعه من التَّعلُّم من شخصٍ آخر. لقد "سمِعَ موسى لصوت حميه." ومِن ثَمَّ صار رجُلاً أفضل وأقدر.

يُفيدنا الكتاب المقدَّس أنَّ موسى وضع نصيحة يثرون الصالحة في حيِّز العمل حالاً: "وَاخْتَارَ مُوسَى ذَوِي قُدْرَةٍ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَجَعَلَهُمْ رُؤُوسًا عَلَى الشَّعْبِ، رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ، وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ، وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ، وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ. فَكَانُوا يَقْضُونَ لِلشَّعْبِ كُلَّ حِينٍ. الدَّعَاوِي الْعَسِرَةُ يَجِيئُونَ بِهَا إِلَى مُوسَى، وَكُلُّ الدَّعَاوِي الصَّغِيرَةِ يَقْضُونَ هُمْ فِيهَا. ثُمَّ صَرَفَ مُوسَى حَمَاهُ فَمَضَى إِلَى أَرْضِهِ" (ع 25- 27).

يا لها من زيارة زاخرة بالأحداث! لقد غيَّرت مجرى تاريخ الشعب القديم. فموسى ما تشجَّع وتقوّى فقط، وما خسِرَ بعضًا من تجاعيده فحسْب، بل شاركه آخرون في القيادة أيضًا، وبدأ الشَّعب يُخدَم بطريقة فعَّالة أكثر بكثير من قبل.

التطبيق

عندما يظهر يثرونٌ، أصغِ! أأنت مُتعَب من القيام بمئاتٍ من الأُمور التي تدعو إليها الحاجة والتي يمكن أن يقوم بها أيُّ خادمٍ راغِب؟ إن كان نعم، فرُبَّما آنَ الأوانُ لأنْ تُقرِّر أن تخطو خطوات جديدة. وإنْ قال لك مُرشِدٌ موثوقٌ به إنَّ الأوان قد آن لإحداثِ تغييرٍ ما، فاصغَ. أعلَمُ أنَّه صعبٌ أن تقول لا حين تودُّ أن تقوم أنت بكلِّ شيء. ولكنْ إن لم تُصغِ إلى "يثرونِك" وتُقرِّر أن تتخلَّى عن قِسطٍ من الأُمور التي تُرهِقك، فستدفع ثمنًا رهيبًا، وكذلك عائلتُك أيضًا.