سفر الرؤياعينة

سفر الرؤيا

يوم 3 من إجمالي 30

اليوم 3: الخلفية التاريخية (القرّاء)

وجَّه يوحنا كتابَ الرؤيا بالتحديدِ إلى الكنائسِ السَبعِ في آسيا الصُغرى، وهي مِنطَقةٌ تَقعُ اليومَ في جُزءٍ من غَربي تركيا. وتقعُ هذه الكنائسُ في مُدُنِ أفسسَ، وسِميرْنا، وبَرغامُسَ، وثَياتيرا، وسارْدِسَ، وفيلادَلفيا ولاوُدِكِيَّة. وقد نالتْ منه كلُ كنيسةٍ تشجيعاً لها، وعند الضرورةِ توبيخاً بِحَسَبِ حالتِها الروحية.

يُخبرُنا المؤرخونَ وكتابُ الرؤيا نفسُه أن المسيحيين الذين كانوا يعيشون في تلكَ المدنِ واجهوا كلَ أنواعِ التَجاربِ والضغوطاتِ ليتخلوا عن إيمانهِم المسيحي. ومثلُ العديدِ من المسيحيين في كلِ عصر، خَضَعوا لضغوطاتٍ لكي يساوُموا على إيمانهِم.

واجهَت كنائسُ آسية الصُغرى ضغوطاتٍ من مصادرَ عدةٍّ لتساومَ على مُعتقداتِها وممارساتِها. لكنْ من أجل أهدافِنا، سنركِّزُ على أربعِ مشاكلَ تميَّزت بها ظُروفهُم.

1) نقابات التجار:

أولاً، ضَغطُ نقاباتِ التُجار على المسيحيين ليعبُدوا آلهةً كاذبة. كان في القرنِ الأولِ نقاباتٌ للتُجارِ في كل آسيا الصُغرى. وكانت تلك النقاباتُ مجموعاتٍ من العُمالِ والحِرَفيّين نشأَت لأغراضٍ اقتِصادية. فالجميعُ بمن فيهم المسيحيون، كانوا بِحاجةٍ إلى أن ينتموا إلى تلكَ النَقاباتِ في حالِ أرادوا أن يكونَ لهُم عملٌ جيدٌ في مُجتمعاتِهم. وشكَّلتْ هذه الممارسةُ الاجتماعيةُ تحديّاً جِدِيّاً بالنسبةِ لأتباعِ المسيح، إذ كانَ لكلِ نقابةٍ إلهٌ راعٍ، وكان يُتوقعُ من أعْضاءِ النقابةِ أن يُظهروا ولاءَهم نحوَ ذلكَ الإله. وكان المسيحيونَ الذينَ يرفُضونَ إظهارَ وَلائِهم لإلهِ النقابةِ الراعي، يُقْصَوْنَ عن المُعاملاتِ التجارية مع أعضاءِ النقابة.

2) الجماعات اليهودية:

الضَغطُ الثاني للمُساومةِ أتى من الجماعاتِ اليهوديةِ المُنتشرةِ في آسيا الصُغرى في القَرنِ الأول. كانت دياناتُ الإمبراطوريةِ الرومانيةِ تُمارَسُ في غالبيتِها فقط في البُلدانِ التي نَشأَت فيها تلكَ الدِيانات، باستثناءِ اليَهوديةِ التي شذَّت عن هذه القاعدة. فالمجامعُ اليهوديةُ كانت نشيطةً في المُدنِ البارزةِ في آسيا الصُغرى. وفي مَرحلةٍ باكِرة، نظرَ الرومانُ إلى المَسيحيةِ كفَرْعٍ من اليَهودية، ونَتيجةً لذلك، كانت تُمارِسُ إيمانَها بِصورةٍ شَرعيةٍ في كلِ الإمبراطورية. لكن بمرورِ الوقتِ، مع بَدءِ اليَهودِ بعزلِ أنفُسِهِم عن المسيحيين المؤمنين، خَسِرَت المسيحيةُ وَضعَها القانوني في مُعظَمِ أجزاءِ الإمبراطورية، وباتَ المَسيحيونَ عُرضةً لاضطِهادِ الحُكومة. ونتيجةً لذلك، ضُغِطَ على المسيحيين ليتكيَّفوا مع اليهودية، إلى حدِ تخلّيهم عن إيمانهِم بالمسيح.

3) الحكومة الرومانية:

أما الضَغطُ الثالثُ للمساومةِ على الإيمانِ المسيحي، فقد جاءَ من الحكومةِ الرومانية، التي طالبَت المسيحيين بعبادةِ الإمبراطورِ والآلهةِ الرومانية. بسببِ رَفضِ الجَماعةِ اليهوديةِ للكنيسةِ المسيحية، طالبَتْ الحكومةُ المسيحيين بالاشتراكِ في العبادةِ العامةِ للآلهةِ الرومانية. وفي زَمنِ دومتيانِ، تَضَمنَ ذلك الاعتَرافَ بالإمبراطورِ كإله. وفي حال رفَضَ المسيحيونَ الاشتِراكَ في هذه العِبادةِ الوَثنية، كان من المُمكنِ اتهامُهم بالإلحاد، وهي جريمةٌ يَترتبُ عليها عواقبُ وخيمةٌ قد تصِلُ عقوبَتُها للإعدام. وبِغرضِ ضَمانِ أمنِهم الجَسدي، كان كثيرٌ من المسيحيينَ تحتَ الضَغطِ يقومون بالمشاركةِ في العباداتِ الخاطئة.

4) المسيحيون المشاكسون:

مع الأسفِ، بالإضافةِ إلى الضُغوطاتِ الخارجيةِ التي تعرَضَ لها المَسيحيون ليتكيَّفوا مع الدِياناتِ الأُخرى، بَرزَ ضَغطٌ رابعٌ جاءَ في الواقعِ من المسيحيينَ المشاكِسين. لا يُعطينا الكتابُ المقدسُ الكثيرَ من التفاصيلِ عن المَشاكلِ في كنائسِ آسيا الصغرى. لكنَّ الرسائلَ إلى الكنائسِ في الرؤيا ٢و٣ تشيرُ إلى عددٍ من المشاكلِ المحدّدةِ التي سبَّبها أناسٌ من داخلِ الجَماعَةِ المَسيحية. على سبيلِ المِثالِ، توجَدُ إشارةٌ إلى تعاليمِ بلعامَ في الرؤيا ٢: ١٤. ويدينُ الرؤيا ٢: ٦،١٥ جماعةً ممن يُسمَّوْنَ "بالنُّقُولاَوِيِّين"، ونبيةً كذابةً تُدعى إِيزَابَل في الرؤيا ٢ ٢٠.

علاوةً على ذلك، يبدو أن هؤلاءَ المسيحيينَ المشاكِسينَ كانوا يَضغَطونَ على مسيحيينَ آخرينَ ليشترِكوا في مُمارساتِهم المضلِّلة. لكن لم ينضمْ كلُ المسيحيين المشاكِسين إلى تلك المجموعاتِ الهَرطوقية. فقد تخلّى البعضُ منهُم ببساطةٍ عن إيمانِهم، وعادوا وانضَموا إلى الدياناتِ الوثنيةِ التي كانت حولَهم. وأحدُ السِجلاتِ الهامةِ في هذا الشأنِ يأتينا من بْلَيني الأصغرِ الذي كان حاكماً لبَنطُسَ وَبِيثِينِيَّةَ من سنة ١١١-١١٣ م. انظر إلى ما كتبَه بلَيْني إلى الإمبراطورِ الرومانيِّ تراجان:

آخرون أشارَ إليهِم المُخبرُ أعلنوا أنهم كانوا مسيحيين، لكنَهُم أنكروا مسيحيتَهم الآن، مؤَكِدين أنهم كانوا كذلك لكنهم تَخَلَّوا عن إيمانِهم... البعضُ منهُم منذُ أكثر من خمسٍ وعشرينَ سنة. وجميعُهم يعبدونَ صورتَك وتماثيلَ الآلهة، ويلعنون المسيح.

يواجه المسيحيونَ في كل عصرٍ ضغوطاً ليُساوموا على ولائِهم للمسيح في الفكرِ، والقولِ، والعمل. ولا تزالُ المسيحيةُ في مناطقٍ عديدةٍ من العالمِ ديانةً غيرَ شرعية. حيث يَجتمعُ المؤمنونَ الأُمناءُ في السرِّ– مخاطرين بأن يُعتقلوا، وفي بعضِ الأحيانِ أن يُقتلوا. كذلكَ هناكَ الضغطُ الفكريُّ. حين يسخرُ العلماءُ العلمانيين، والأصحاب، وأفرادُ العائلةِ من المسيحيةِ ويعتبرونَها ديانَةَ الجُهّالِ التي تتناقضُ مع العِلم. كذلك هناك ضغطُ المساومةِ على سلوكِنا ومُعتقداتِنا من أجلِ النجاحِ في العمل، أو تَجنباً لظلمِ المعاملةِ في المُجتمع. يتناولُ سفرُ الرؤيا حالاتٍ من هذا النوع. فرسالةِ السفرُ هي أن المسيح هو الملكُ الأعلى، وأنه سيعودُ في النهايةِ ليُسوّي كلَ الأمور. وعندها سيكافئُ كلَ من بقيَ أميناً له.

يوم 2يوم 4

عن هذه الخطة

سفر الرؤيا

 يمكن لسفر الرؤيا أن يكون ممتعاً ومربكاً في نفس الوقت. فهو ممتع لأنه يسجل  رؤى دراميّة عن دور المسيح والكنيسة في تاريخ العالم. لكنه أيضاً مربكاً  لأني الصور المجازيّة الخاصة به غريبة جداً عن القرّاء المعاصرين. ورغم  ذلك، فإن الرسالة العامة واضحة: يسوع الملك سيعود بانتصار. 

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: 

http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/rev