سفر أعمال الرسلعينة
اليوم 24: الروح القدس (يوم الخمسين)
1) المغزى:
كان حلول الروح القدس في يوم الخمسين في أعمال الرسل 2 هاماً بشكل خاص للكنيسة المسيحية. وقد حدثت تضحية يسوع على الصليب أثناء الاحتفال بعيد الفصح. حيث مات كحمل الفصح الأخير، وأمّن تحريراً نهائياً لشعب الله من عبودية الخطية والموت (1 كورنثوس 5: 7).
في ضوء هذا، لم يكن حلول الروح القدس في يوم الخمسين مفاجئاً. وإذ وجّه يوم الخمسين الانتباه إلى عظمة الحصاد، كان حلول الروح القدس باكورة حصاد الخلاص الأبدي. وأشار حلول الروح القدس في أول يوم خمسين مسيحي، إلى أن الكنيسة حصلت أيضاً على كتابة ناموس الله في القلب، مجهِّزاً الكنيسة للشهادة بجرأة. كما وصفها بولس في رومية 8: 23.
عندما كتب لوقا روايته عن حلول الروح القدس، أكّد على ارتباطهِ بيوم الخمسين ليشير إلى الأهمية العظيمة لهذا الحدث. فلم يكن هذا الحدث عاديًّا؛ ولم يكن حتى مجرد معجزة من ضمن معجزات عديدة أخرى. فقد بدأت موهبة الروح القدس في يوم الخمسين حصادَ الخلاص العظيم، والتجديد الداخلي لشعب الله لتأسيس ملكوت الله المسياني المُنتَظَر.
2) الألسنة:
سجل لوقا، في أعمال الرسل 2، أنه عندما حلَّ روح الله على الكنيسة في يوم الخمسين، تكلم الرسل ومؤمنون آخرون بألسنة أخرى. يفهم مختلف المسيحيون، في كنيسة العصر الحديث، موهبة التكلم بالألسنة بطرق مختلفة. ويجادل البعض أنها معجزة خاصة بالسمع وليس بالكلام. وبحسب هذه النظرة، تكلم الرسل بتعابير انجذابيه، ومكّن الروح القدس المستمعين من فهمها كُلٌ بلغته.
ولكن هناك نقطتان على الأقل في وصف لوقا تجعلنا نعتقد أنها معجزة متعلقة بالتكلم التي تكلم فيها المسيحيون الأوائل بلغات لم يتعلموها من قبل أبداً. أولاً وقبل كل شيء، كتب لوقا بشكل خاص أن الروح القدس مكّن المتكلمين من التكلم بألسنة أخرى (أعمال الرسل 2: 4). لم يذكر لوقا أن الروح القدس زرع في المستمعين قوات سمع معجزية.
وثانياً، إن مصطلح التكلم بالألسنة هو ترجمة الكلمة اليونانية "glōssa". عادةً ما تشير هذه الكلمة، في العهد الجديد والأدب اليوناني، إلى اللغات الإنسانية العاديّة. وليس هناك أي سبب أساسي للشك بأنها تعني شيئاً آخر في هذا السياق. وهكذا، يمكننا أن نثق أن معجزة التكلم بالألسنة في يوم الخمسين هي القدرة فوق الطبيعية على التكلم بلغات إنسانية لم يتم تَعَلُمُها.
يشير بطرس في أعمال الرسل 2: 16-21 إلى يوئيل 2: 28-32 ليفسر لنا ما حدث في يوم الخمسين، بما في ذلك معجزة التكلم بالألسنة. من المثير للاهتمام، أن بطرس لم يقتبس كلمات يوئيل النبي تحديداً. حيث يبدأ نص يوئيل، في الأسفار العبرية والترجمة السبعينية، بالقول "وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ". ولكن أعاد بطرس صياغة نص يوئيل 2: 28 بالقول: "وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ". يشير تغيير بطرس لكلمات يوئيل إلى إيمانه بأن أحداث يوم الخمسين هي جزء من الأيام الأخيرة، أي نهاية الأزمنة.
كان اعتقاد بطرس بأن حلول الروح القدس الذي تم في الأيام الأخيرة مؤيَدٌ بأجزاء أخرى كان قد اقتبسها من سفر يوئيل. فعندما اقتبس بطرس من يوئيل 2، أشار إلى أن حلول الروح القدس كان لابد أن يحدث قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمُ الشَّهِيرُ.
كان يوم الرب، خلال العهد القديم، يوم دينونة الله وبركته، ويشير في عدة مناسبات في العهد القديم إلى اليوم الذي يهزم فيه الله أعدائه نهائياً وكلياً ويبارك شعبه الأمين. وهكذا، عندما شرح بطرس أن حلول الروح القدس هو عرض لِيَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمُ الشَّهِيرُ، وقال إن ما حدث في يوم الخمسين هو حدث تاريخي هام. لقد حل الروح القدس في يوم الخمسين كأعجوبة الأيام الأخيرة، أي زمن التدخل الإلهي المجيد لتأسيس المرحلة النهائية لملكوت الله.
3) النتائج:
عندما نستكشف إنجيل لوقا، نجد أن تفكير بطرس لم يكن واضحاً دائماً قبل حلول الروح القدس. حيث انتُهِرَ على جبل التجلي لأنه أراد أن يصنع مظالاً لموسى وإيليا. وأنكر المسيح ثلاث مرات في الليلة التي ألقي فيها القبض على الرب. حتى أثناء خدمة بطرس في سفر أعمال الرسل، لفت لوقا الانتباه إلى حقيقة أن بطرس لم يكن إنساناً متعلماً ولم يكن شخصاً نتوقع منه التكلم بطرق مقنعة (أعمال الرسل 4: 13).
بعد أن رأينا هذه الصورة لبطرس، لا يوجد مجال للشك بأن قوة الروح القدس هي التي حوّلته ومكّنته من الوعظ برسالة فعّالة وناجحة للإنجيل في يوم الخمسين. فقد وبّخ بطرس في عظة يوم الخمسين أولئك الذين اتهموا المسيحيين بأنهم سُكارى. حيث اقتبس، شرح، وطبق العهد القديم بطرق مقنعة، موضحاً أن يسوع هو المسيَّا المُتَنَبأ عنه. كما ومكّن الروح القدس بطرس ورسلاً آخرين أيضاً من عمل معجزات كشهادة لحقيقة إعلاناتهم (أعمال الرسل 2: 43).
في ضوء القوة العظيمة التي أعطاها الروح القدس لبطرس وللرسل الآخرين ليكونوا شهوداً لإعلان الإنجيل، فليس مدهشاً أن يبارك الله شهادة الرسل (أعمال الرسل 2: 41 و47).
لقد آمن ثلاثة آلاف شخص في يوم الخمسين. وقد حصل هذا النمو الخارجي العددي من خلال قوة الروح القدس. لكن لم يكن نمو الكنيسة خارجياً فقط. بل كان هناك نموٌ داخليٌ نتج عن قوة الروح القدس أيضاً (أعمال الرسل 2: 42-47).
عن هذه الخطة
إن سفر أعمال الرسل هو المجلد المصاحب لإنجيل لوقا. فهو يسجل تأسيس الكنيسة الأولى تحت قيادة الرسل، ونشاط ونمو الكنيسة خلال منتصف القرن الأول. في الكنيسة المعاصرة غالبا ما يلجأ المسيحيون إلى سفر أعمال الرسل للتعرف على المسائل المتعلقة بالمواهب الكاريزماتية وللتحقيق في أمور مختلفة تتعلق بإدارة الكنيسة وسلطانها. ويتحدث سفر أعمال الرسل عن هذه الأمور بالتأكيد. ولكن ماذا كانت الفكرة الرئيسية للوقا حين كتب هذا السفر؟ ما هي الصورة الأكبر التي حاول أن يقدمها للقرّاء لفهم هذه الأمور الثانوية؟ ما هو الأمر الرئيسي الذي أراد أنه يتعلمه قرّاءه وأن يفعلوه؟ في هذه الخطة نتعرّف على عرض خلفية سفر أعمال الرسل ورسالته الرئيسية. كذلك نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر لسفر أعمال الرسل.
More
نود أن نشكر وزراء الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع:
http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/ac