الردّ على سوء المعاملةعينة
تقديم المغفرة
ذات يوم بينما كنتُ أسير في أحد شوارع القدس، شاهدتُ صبيًّا صغيرًا يمدّ يده ويضرب صبيًّا آخر. فما كان من الصبي الذي تعرّض للضرب إلّا أن ردّ اللكمة على الفور، لكنّ لكمته كانت أقسى من الضربة الأولى. وكما كان متوقّعًا، ردّ الصبيّ الأوَّل بقوّة أكبر، فأحدث ذلك شجارًا شاملاً. بينما كنتُ أشاهدُ الصبيَّينِ يَرُدّان الشرَّ بالشرّ، تخيَّلْتُ أنّهما يُمثِّلانِ الصِّراعَ الإسرائيليَّ الفلسطينيَّ المزمن. إذ يُردُّ العنفُ بمزيدٍ من العنف، ويُنتقَمُ مِن استخدامِ القُوّةِ باستخدام القوّة المفرطة. وبما أنّ كلا الجانبَينِ مصمّمٌ على ردّ الظلمِ المشروع، فكيف يمكن تحقيق السلام يومًا ما؟
يَكمُنُ الحلُّ لِدَوّامةِ العُنفِ اللامتناهية في عالمنا في الاِمتناعِ عن الردِّ بالمزيدِ من السلوك نفسه. لكن من الصعب اختيار المغفرة، لأنّنا نميل بطبيعتنا إلى حماية أنفسنا. فعندما نتعرّض للإهانة، علينا أن نتعامل مع ألمِ الإساءة ومع حقيقةِ أنَّ شخصًا ما يكرهنا بما فيه الكفاية لإيذائنا، ومع رَدّنا الطبيعيّ في إقامة الشكاوى ضدّ المعتدي. لكنّ المغفرة تتّبع مقاربةً مختلفةً تمامًا؛ عندما نعترف بالخطأ نُسقِط التّهم. استفانوسُ الشهيدُ يُجسّد هذه المغفرةَ في الكتابِ المقدّسِ إذ صلّى في أثناء رجمِه بالحجارة، "يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ" (أعمال الرسل 7: 60). لقد أقرّ بأنّ أفعالَ أعدائه خطيّةٌ، ومع ذلك طلب من الله رحمةً لهم. هذه هي المغفرة الحقيقيّة.
عندما نختار المغفرة، تُصبح أسلوبَ حياة لنا. فبدلاً من أن نحاول أن نرى إن كان بإمكاننا أن نغفر الإساءاتِ الفرديّة، نتوشّحُ بِرُوحِ المغفرةِ التي تبحثُ عن فُرَصٍ لتقديمِ العفو.
باختيارِنا المغفرة، نُقرُّ بأنّه لا يمكنُنا أن نفعلَ أيَّ شيءٍ لإبطالِ أخطاءِ الماضي، لذلك نتطلّعُ إلى المستقبل. نرفض قبول العلاقة المضطربة، ونعمل بنشاط لأجل غدٍ أكثرَ إشراقًا. المغفرةُ تُرسي أُسُسًا للعلاقاتِ المستردَّةِ والسلامِ الحقيقيّ، وتبقى النتائجُ على الرَّب.
صلاة
ربّي يسوع، أنا أعترف أمامك بأنَّ أفعال التعدي على الآخرين بالضرب والإهانة والتهجير والقتل والسرقة هي خطيَّة عظيمة تثير سخطي؛ لكنَّني أُصلّي كي تمنحني القوّة ليكون مبدأ الغفران ثابتًا في قلبي فأتّسم به صارخًا مع عبدك استِفانوس في أثناء رجمه: "يا ربُّ لا تُقم لهم هذه الخطيّة"، آمين.
الكلمة
عن هذه الخطة
في هذه السلسلة من التأمُّلات، سنتمعَّن معًا ب شواهد كتابيّة وقصص حقيقيَّة تعلّمنا عن الطرق التي يدعو بها اللهُ المسيحيّين إلى الاستجابة عند التعرُّض لسوء المعاملة. سلسلة التأمُّلات هذه لها جزء أوَّل قد تودّ قراءته، بعنوان "لماذا نتعرَّض لسوء المعاملة".
More
نود أن نشكر Dar Manhal al Hayat على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: https://darmanhal.org/