الردّ على سوء المعاملةعينة
لا مفرَّ من المعاناة
إنّ هذه الكلماتِ موجَّهةٌ إلينا. فمع أنّ طبيعتنا البشريّة ترغب في أن تَرُدَّ صاعَ الاِفتراءِ صاعَين، أو أن تُهدّدَ الأعداءَ بالاِنتقام، نرى أنّ المسيحَ أعطى مقاربةً مختلفة؛ إنّه يدعونا إلى أن نسلّم معاناتَنا لله، سامحينَ له بأن يُنزِلَ الاِنتقامَ حسبما يرتئيه.
في العام 1918، فيما ساهمَتِ الحربُ العالميّةُ الأُولى في نَشرِ المشاعرِ المعاديةِ للألمان في أميركا، جُنّدَ أربعةُ رجالٍ مسيحيين من الهوتريتيّين (Hutterites) ناطقين بالألمانيّة من ولاية داكوتا الجنوبيّةِ في الخدمة العسكريّة. لكنّ إيمانَهم بتعاليمِ يسوعَ لم يَكُنْ يَسمَحُ لهم بالمشاركةِ في الحرب. ونتيجةً لذلك، وضعَهُم المسؤولون العسكريّونَ الأميركيّونَ في السجنِ الاِنفراديّ في زنزاناتٍ تكسوها الرطوبةُ والقذارة. وما كانوا يحصلون سوى على القليلِ من الطعام. واضطرّوا إلى النوم على أرضيّاتٍ رطبةٍ وباردة، ومِن ثَمَّ أُصيبَ اثنانِ منهم بالمرضِ وتُوُفِّيا، وأُطلِقَ سراحُ أحدِ الرجُلَينِ الباقيَين، فيما سُجِنَ الآخَر، وهو يُدعى جاكوب ويپف.
عبَّر جاكوب ويپف عن فترة السجن بهذه الكلمات: "أحيانًا أَحسدُ الثلاثةَ الذين سبقَ أن أُعتِقُوا من آلامِهم، ثُمَّ أتساءلُ، لمَ ثَقُلَتْ يَدُ اللهِ عليَّ جدًّا؟ لمَ يجب أن أستمرَّ أنا وحدي بالمعاناة؟ لكنْ ثَمّةَ فَرَحٌ أيضًا؛ فَبِوُسْعي أن أَبكيَ فرحًا عندما أُفكّرُ في أنّ الربَّ يحسبُني جديرًا بأنْ أُعانيَ قليلاً من أجله."
على مرّ التاريخ، قام أتباعُ المسيح باتّباعِه وسط المعاناة. واستجابةُ المسيح للمعاناة هي مثالٌ يَحتذي به كلُّ مَن هو مَدْعُوٌّ للمعاناة مِن أجل اسمِه. ففي النهاية، الله هو من يدافع عنّا. وعلى الرغم من أنّنا قد نشعر بالحاجة إلى وضع الأمور في نصابها الصحيح، فإنّ شعورًا عظيمًا بالسلام يحلّ فينا عندما نضع الظلم بين يَدَيِ الله. فهو القاضي المثاليُّ الذي يعرفُ بالتحديد مَن هو المحقّ ومَن هو المخطئ، ويمكنه الدفاعُ عنّا إذا اختار ذلك.
عندما تألّمَ المسيح، نظرَ إلى أبعدَ مِن مُعاناتِه، وإلى ما يَكمُنُ في الجانب الآخر. كما تذكر رسالة العبرانيّين 12: 2، "نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ." ولدى المؤمنين الذين يعانون الرجاءُ نفسه!
صلاة
يا ربّ ما أحلى الحياة قربك. أنتَ تهتمّ بي ولك مقاصدٌ لي حتَّى وسط الألم. ساعدني لأتسلَّح بالإيمان فأتمثَّل بيسوع، وأنظر إلى الحقائق الروحيَّة مدركًا أنَّ آلام الزمان الحاضر، مهما كانت، لا تقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن في الأبديَّة. آمين.
عن هذه الخطة
في هذه السلسلة من التأمُّلات، سنتمعَّن معًا ب شواهد كتابيّة وقصص حقيقيَّة تعلّمنا عن الطرق التي يدعو بها اللهُ المسيحيّين إلى الاستجابة عند التعرُّض لسوء المعاملة. سلسلة التأمُّلات هذه لها جزء أوَّل قد تودّ قراءته، بعنوان "لماذا نتعرَّض لسوء المعاملة".
More
نود أن نشكر Dar Manhal al Hayat على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: https://darmanhal.org/