لقاء مع المسيحعينة
لقاء المسيح مع زكا العشار
لم يكن لزكا مزايا اجتماعيّة أو مدنيّة أو دينيّة مستحبّة. فعلى الصعيد الشعبيّ أو المدنيّ، كان ممقوتًا من الشعب لأنَّه كان يُرهق أعناق الناس بالجزية، أو الضريبة، وأحيانًا يثقّل القيمة عليهم، هذا عدا عن اعتباره من قِبل الشعب عميلاً للرومان المستعمرين، وبالتالي عدوًّا وخائنًا لبني جنسه.
وعلى الصعيد الاجتماعيّ، لا نتوقّع أن يكون له نسبة من الشعبيّة أو القبول لدى رفاقه القلائل أو زملائه العشارين، وربّما كان موضوع سخريتهم أو تنكيتهم لقصر قامته، أو مدعاة انتقادهم لكونه مترئسًا عليهم، فارضًا عليهم إتاوات تُضاف على ما كانوا يجمعون من الضرائب.
لكن مع ذلك، كان لزكا النيَّة والرغبة بأن يرى "المعلِّم" عن قرب، ولو من فوق شجرة جمَّيز على جانب الطريق، إذ كان قد سمع كثيرًا عنه! لمحة خاطفة من قِبَل زكا قابلتها مبادرة لافتة من "معلِّم" الأجيال.
لقد دعاه يسوع بالاسم، "زكا"، تودُّدًا، ولم يَدْعه "يا رجل"، أو "يا ابني". أمّا كيف عرف أنَّ اسم ذاك الرجل كان "زكا" من بين مئات من الشعب المزدحم، فهي الدراية نفسها التي عرف يسوع بها "نثنائيل" أنَّه "إِسْرَائِيلِيٌّ لاَ غِشَّ فِيهِ" (يوحنا 1: 47)، حتى قبل أن يتعامل معه إذ كان جالسًا تحت التينة! وهي المقدرة نفسها التي كشف بها أمر المرأة النازفة التي أرادت لمس ثوبه سرًّا! فهل عرف "المعلِّم" بذهنه النافذ أنَّه كان لدى زكا اشتياق لمعرفة "الطريق والحقّ"، ورغبته "للحياة الفضلى"؟
لقد خطا زكا خطوات قصيرة خجولة، أمّا "المعلِّم" فقد شرَّع الباب على مصراعَيه. "يَا زَكَّا، يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ." شرف عظيم أسبغَه عليه "المعلِّم"، أن ينزل في بيته، دون الجمهور المزدحم من حوله! ونحن كبشر، نفرح ونُسرّ عندما يقبل إنسان عزومتنا إلى بيتنا، ولكن، أن يبادر أحد الأشراف النزول في بيتنا، دون دعوتنا، فذلك نعتبره منتهى الشرف والمسرّة.
وهذا ما فعله "المعلِّم" على غير ما عهدته الأعراف، الشريف يدعو نفسه وينزل عند المنبوذ. وأصبح زكا إنسانًا جديدًا: يردّ المسلوب أضعافًا، ويجود من ماله على الفقراء، ويُكتب اسمه مع الصدّيقين. لقد أصاب "المعلِّم" كما دائمًا، إذ سبق وعرف أنَّ زكا كان عنصرًا منفتحًا، قابلاً للتغيير إلى الأفضل. تلك كانت خطوة صغيرة متردِّدة من رجل صغير، قابلتها مبادرة عظيمة من ضيف عظيم.
صلاة
أشكرك يا ربّ لأنّك طويل الروح وكثير الرحمة، تُبادر بالدعوة والإحسان وتُطيل أناتك لكي يرجع الخاطئ إليك بالتوبة. ازرع في قلبي رغبة في معرفتك أكثر والتعمُّق بشخصك المبارك. آمين.
عن هذه الخطة
أجمل لقاء قد يحصل في حياة المرء هو اللقاء مع المسيح... وفي هذه السلسلة من التأملات سنتوقّف عند بعض اللقاءات مع المسيح التي يُخبرنا بها الإنجيل والتي لا زالت تُغيّر حياتنا اليوم!
More
نود أن نشكر Dar Manhal al Hayat على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: https://darmanhal.org/