لقاء مع المسيحعينة
لقاء المسيح مع نيقوديموس، رئيس لليهود
لا يخلو وطن، أو مجتمع، أو طائفة، من أناس خيِّرين ومنفتحين ينشدون الحقّ والحقيقة، ولو أنَّ هذه الفئة من الناس هي قلّة. ومن تلك القلّة نيقوديموس، رئيسٌ معتبرٌ لليهود. هذا سمع عن يسوع وتعاليمه وأعماله غير المعتادة. وإذ عملت فيه القناعة بصوابية تعاليم ذلك "المعلِّم" المتميِّز، وإذ لم يكن أيضًا من القوم الذين أعمى التعصّب أذهانهم، حضر إلى يسوع ليلاً تحاشيًا للإحراج والملامة من قِبل زملائه الأعضاء في المجمع.
في ذلك اللقاء أقرّ نيقوديموس وبدون تحفّظ بكون يسوعَ معلِّمًا آتيًا من عند الله من فوق. ولم يكن يسوع، كشأنه دائمًا، ليضيّع وقتًا، فباشر الدخول في صلب الموضوع إذ قال لنيقوديموس: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ" (يوحنا 3: 3). عبارة خطيرة تحمل حقيقة صريحة لم يدرك نيقوديموس كنهها مع أنَّه كان مطَّلعًا على ما جاء في الكتب والأنبياء. كان حافظًا للناموس، بل ومعلِّمًا له. وكان قد ارتقى إلى رتبة عضويّة السنهدريم. إلاّ أنَّه لم يكن قد وصل إلى معرفة الحقيقة الكاملة بشأن "الملكوت". وكانت جلسة صراحة، وكلمات "تنوير"، انتهت بتفسير واضح.
فإنَّ مضمون الملكوت السماوي، حيث سلطان الله القدوس وسكّانه الملائكة والقدّيسون، يختلف كليًّا عن مضمون الملكوت الأرضي، الجسديّ، الماديّ، ولكلٍّ قواعده وشروطه. فالإنسان المولود جسديًّا فقط لا يقدر أن يرث ملكوت الله السماويّ الروحيّ. وإذِ انتهت المقابلة المسائيّة بإعلان "المعلِّم" عن حقيقة الفداء ووجوب الإيمان بشخص المسيح كونه الفادي، عملت "الكلمة" بفعل الروح القدوس، وتمّت آنذاك ولادة إنسان جديد في الملكوت اسمه نيقوديموس. نعم، لقد وجدت كلمات "المعلِّم" قبولاً في أرض جيّدة، أي قلب نيقوديموس الذي لم يكن ينشد سوى الحقيقة. فأنتجت "الكلمة" ثمرًا، بل أنتجت بفعل الروح إنسانًا روحيًّا جديدًا، مؤهَّلاً للملكوت، وعاملاً فيه.
ألم يذكر الكتاب في ما بعد أنَّ نيقوديموس حاول الدفاع عن "المعلِّم" في إحدى جلسات التآمر على يسوع من قِبل الكهنة اليهود ورؤسائهم؟ "أَلَعَلَّ نَامُوسَنَا يَدِينُ إِنْسَانًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَوَّلاً وَيَعْرِفْ مَاذَا فَعَلَ؟" (يوحنا 7: 51). وقد سجّل الوحي أيضًا قصة اعتناء نيقوديموس بجسد يسوع وتكفينه قبل دفنه. "وَجَاءَ أَيْضًا نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا. فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ، كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا" (يوحنا 19: 39 و40). فعندما تتوافَر التربة الصالحة، أي الانفتاح والإخلاص والقبول، تجد حبَّة كلمة الله طريقًا إلى الحياة والإثمار.
صلاة
أشكرك يا ربّ لأنّك لم تأتِ معلِّمًا فحسب، بل أنت الفادي المحبّ مُخلِّصي. ليت الكلمة تعمل في قلبي بفعل الروح القدس فأكون تربة صالحة تأتي بالثمر المنشود، فأنمو في معرفتك أكثر. آمين.
عن هذه الخطة
أجمل لقاء قد يحصل في حياة المرء هو اللقاء مع المسيح... وفي هذه السلسلة من التأملات سنتوقّف عند بعض اللقاءات مع المسيح التي يُخبرنا بها الإنجيل والتي لا زالت تُغيّر حياتنا اليوم!
More
نود أن نشكر Dar Manhal al Hayat على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: https://darmanhal.org/